ستر عورات المسلمين والنهي
عن إشاعتها لغير ضرورة
==============================
للشيخ ابن عثيمين
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [النور: من الآية19] .
العورة هنا هي العورة المعنوية ؛ لأن العورة نوعان : عورة حسية ، وعورة معنوية .
فالعورة الحسية : هي ما يحرم النظر إليه ؛ كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه .
والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخلقي أو العملي .
ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) [الأحزاب:72] .
فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ؛ فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد ؛ فيكون ظالما ، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل ؛ فيكون جهولاً ، هذه حال الإنسان إلا من عصم الله عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل ، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق .
وإذا كان الإنسان من طبيعته التقصير والنقص والعيب ؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة . فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه ، لكن بدون ضرورة فالأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ؛ لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ـ يعني عن إرادة سيئة ـ أو عن شبهة ، حيث يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه .
هب أنك رأيت رجلاً على كذب وغش في البيع والشراء ؛ فلا تفش ذلك بين الناس ؛ بل أنصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ؛ كان ذلك هو المراد ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس ؛ لئلا يغتروا به .
وهب أنك وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء ، ولا يغض بصره ، فاستر عليه ، وانصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس ؛ لأن النظر - والعياذ بالله - سهم من سهام إبليس يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه ، وإن لم يكن عنده مناعة ؛ أصابه السهم ، وتدرج به إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله يكون أشد عذاباً .
فما دام الستر ممكنا ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة ملحة ، فاستر عليه ولا تفضحه .
* * *
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة )) رواه مسلم (2) .
* * *
وعنه قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمراً قال : (( اضربوه )) قال أبو هريرة فمنا الضارب بيده ، ومنا الضارب بسوطه ، ومنا الضارب بنعله ، ولم يحدد لهم النبي صلى الله عليه وسلم عددا معيناً ، فلما انصرف بعضهم قال له رجل : أخزاك الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تعينوا عليه الشيطان )) ؛ لأن الخزي معناه العار والذل ، فأنت إذا قلت لرجل : أخزاك الله ؛ فإنك قد دعوت الله عليه بما يذله ويفضحه ، فتعين عليه الشيطان .
وفي هذا الحديث دليل على أن عقوبة الخمر ليس لها حد معين ، ولهذا لم يحد لهم النبي صلى الله عليه وسلم حداً ، ولم يعدها عداً ، كل يضرب بما تيسر ، من يضرب بيده ، ومن يضرب بطرف ثوبه ، ومن يضرب بعصاه ، ومن يضرب بنعله ، لم يحد فيها حداً ، وبقي الأمر كذلك .
وفي عهد أبي بكر صارت تقدر بنحو أربعين ، وفي عهد عمر كثر الناس الذين دخلوا في الإسلام ، ومنهم من دخل عن غير رغبة ، فكثر شرب الخمر في عهد عمر رضي الله عنه ، فلما رأى الناس قد أكثروا منها استشار الصحابة فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : أخف الحدود ثمانون وهو حد القذف ، فرفع عمر رضي الله عنه عقوبة شارب الخمر إلى ثمانين جلدة .
ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا فعل ذنباً وعوقب عليه في الدنيا ؛ فإنه لا ينبغي لنا أن ندعو عليه بالخزي والعار ؛ بل نسأل الله له الهداية ، ونسأل الله له المغفرة ، والله الموفق .
--------------------------------
منقول بتصرف
عن إشاعتها لغير ضرورة
==============================
للشيخ ابن عثيمين
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [النور: من الآية19] .
العورة هنا هي العورة المعنوية ؛ لأن العورة نوعان : عورة حسية ، وعورة معنوية .
فالعورة الحسية : هي ما يحرم النظر إليه ؛ كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه .
والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخلقي أو العملي .
ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) [الأحزاب:72] .
فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ؛ فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد ؛ فيكون ظالما ، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل ؛ فيكون جهولاً ، هذه حال الإنسان إلا من عصم الله عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل ، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق .
وإذا كان الإنسان من طبيعته التقصير والنقص والعيب ؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة . فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه ، لكن بدون ضرورة فالأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ؛ لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ـ يعني عن إرادة سيئة ـ أو عن شبهة ، حيث يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه .
هب أنك رأيت رجلاً على كذب وغش في البيع والشراء ؛ فلا تفش ذلك بين الناس ؛ بل أنصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ؛ كان ذلك هو المراد ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس ؛ لئلا يغتروا به .
وهب أنك وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء ، ولا يغض بصره ، فاستر عليه ، وانصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس ؛ لأن النظر - والعياذ بالله - سهم من سهام إبليس يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه ، وإن لم يكن عنده مناعة ؛ أصابه السهم ، وتدرج به إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله يكون أشد عذاباً .
فما دام الستر ممكنا ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة ملحة ، فاستر عليه ولا تفضحه .
* * *
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة )) رواه مسلم (2) .
* * *
وعنه قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمراً قال : (( اضربوه )) قال أبو هريرة فمنا الضارب بيده ، ومنا الضارب بسوطه ، ومنا الضارب بنعله ، ولم يحدد لهم النبي صلى الله عليه وسلم عددا معيناً ، فلما انصرف بعضهم قال له رجل : أخزاك الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تعينوا عليه الشيطان )) ؛ لأن الخزي معناه العار والذل ، فأنت إذا قلت لرجل : أخزاك الله ؛ فإنك قد دعوت الله عليه بما يذله ويفضحه ، فتعين عليه الشيطان .
وفي هذا الحديث دليل على أن عقوبة الخمر ليس لها حد معين ، ولهذا لم يحد لهم النبي صلى الله عليه وسلم حداً ، ولم يعدها عداً ، كل يضرب بما تيسر ، من يضرب بيده ، ومن يضرب بطرف ثوبه ، ومن يضرب بعصاه ، ومن يضرب بنعله ، لم يحد فيها حداً ، وبقي الأمر كذلك .
وفي عهد أبي بكر صارت تقدر بنحو أربعين ، وفي عهد عمر كثر الناس الذين دخلوا في الإسلام ، ومنهم من دخل عن غير رغبة ، فكثر شرب الخمر في عهد عمر رضي الله عنه ، فلما رأى الناس قد أكثروا منها استشار الصحابة فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : أخف الحدود ثمانون وهو حد القذف ، فرفع عمر رضي الله عنه عقوبة شارب الخمر إلى ثمانين جلدة .
ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا فعل ذنباً وعوقب عليه في الدنيا ؛ فإنه لا ينبغي لنا أن ندعو عليه بالخزي والعار ؛ بل نسأل الله له الهداية ، ونسأل الله له المغفرة ، والله الموفق .
--------------------------------
منقول بتصرف
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم