وهم في الصلاح والفساد مراتب :
فمنهم الكامل في الاستقامة والطيبة وعمل الخير ، ومنهم من هو دون ذلك ، ومنهم البله المغفلون ، ومنهم الكفرة ، وهم الكثرة الكاثرة .
يقول الله سبحانه في حكايته عن الجن الذين استمعوا إلى القرآن : ( وأنَّا منَّا الصَّالحون ومنَّا دون ذلك كنَّا طرائِق قدداً ) [ الجن : 11 ] ؛ أي منهم الكاملون في الصلاح ، ومنهم أقل صلاحاً ، فهم مذاهب مختلفة ، كما هو حال البشر .
ويقول الله عنهم : ( وأنَّا منَّا المسلمون ومنَّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرَّوا رشداً – وأمَّا القاسطون فكانوا لجهنَّم حطباً ) [ الجن : 14-15 ] ؛ أي : أنّ منهم المسلمين ، والظالمين أنفسهم بالكفر ، فمن أسلم منهم ، فقد قصد الهدى بعمله ، ومن ظلم نفسه ، فهو حطب جهنم .
طبيعة الشيطان وهل يمكن أن يسلم
أعطى الله الجنّ القدرة على الإيمان والكفر ، ولذلك كان الشيطان عابداً مع الملائكة ثم كفر .
فلما تحوّل إلى الكفر ، ورضي به ، وأصبح محباً للشرّ ، طالباً له ، يتلذذ بفعله والدعوة إليه ، ويحرص عليه بمقتضى خبث نفسه ، وإن كان موجباً لعذابه : ( قال فبعزَّتك لأغوينَّهم أجمعين – إلاَّ عبادك منهم المخلصين )
وهذا يكون في الإنسان ، فالإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه ، يشتهي ما يضره ، ويلتذ به ، بل يعشق ذلك عشقاً يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله ، وحسبك أن تتأمل في حال شارب الخمر وشارب الدخان ، فإنّ هذين المشروبين يقتلان شاربيهما ، ويفتكان بهما ، ولا يستطيعان منهما خلاصاً إلا بشق الأنفس .
هل يمكن أن يسلم الشيطان ؟
الشيطان الأكبر الذي هو إبليس لا يمكن أن يسلم لخبر الله فيه أنه سيبقى على الكفر ، أما غيره فالذي يظهر لنا أن الشيطان يمكن أن يسلم ، بدليل أن شيطان الرسول صلى الله عليه وسلم أسلم ، إلا أنّ بعض العلماء يرفض ذلك ويقول : إن الشيطان لا يكون مؤمناً ، منهم شارح الطحاوية ووجه قوله : ( فأسلم ) ؛ أي فانقاد واستسلم ) .
وبعض العلماء يرى أن الرواية ( فأسلمُ ) برفع الميم ، أي فأنا أسلمُ منه ، ومع أن شارح الطحاوية يرى أنّ رواية الرفع تحريف للفظ ، إلا أن النووي في شرحه على مسلم قال : " هما روايتان مشهورتان " وعزا إلى الخطابي أنّه رجح رواية الضم ، وحكى عن القاضي عياض أنه اختار الفتح ، وهو اختيار النووي ) .
وممن يرى أن الشيطان يمكن أن يسلم ابن حبان ، قال معلقاً على الحديث : " في هذا الخبر دليل على أن شيطان المصطفى صلى الله عليه وسلم أسلم ، حتى إنه لم يكن يأمره إلا بخير ، إلا أنّه كان يسلم منه وإن كان كافراً " .
وما ذهب إليه شارح الطحاوية من أنّ الشيطان لا يكون إلا كافراً فيه نظر ، فإن كان يرى أن الشيطان لا يطلق إلا على كافر الجن ، فهذا صحيح ، وإن كان يرى أن الشيطان لا يمكن أن يتحول إلى الإسلام ، فهو بعيد جداً ، والحديث حجّة عليه ، وحسبنا أن نعلم أن الشيطان كان مؤمناً ثمّ كفر ، وأن الشياطين مكلفون بالإيمان ، معذبون على كفرهم ، فالإيمان والكفر حالتان تعتوران هذا المخلوق كالإنسان .
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم