تابع -أساليب الشيطان في إضلال الإنسان
- الإفراط والتفريط :
يقول ابن القيم في هذه المسألة : " وما أمر الله – عزّ وجلّ – بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان : إما تقصير وتفريط ، وإما إفراط وغلوّ ، فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين ، فإنّه يأتي إلى قلب العبد فيشامّه ، فإن وجد فيه فتوراً وتوانياً وترخيصاً أخذه من هذه الخطة ، فثبطه وأقعده ، وضربه بالكسل والتواني والفتور ، وفتح له باب التأويلات والرجاء وغير ذلك ، حتى ربما ترك العبد المأمورَ جملة .
وإن وجد عنده حذراً وجِدّاً ، وتمشيراً ونهضة ، وأيس أن يأخذه من هذا الباب ، أمره بالاجتهاد الزائد ، وسوّل له أن هذا لا يكفيك ، وهمتك فوق هذا ، وينبغي لك أن تزيد على العاملين ، وأن لا ترقد إذا رقدوا ، وأن لا تفطر إذا أفطروا ، وأن لا تفتر إذا فتروا ، وإذا غسل أحدهم يديه ووجهه ثلاث مرات ،فاغسل أنت سبعاً ، وإذا توضأ للصلاة ، فاغتسل أنت لها ، ونحو ذلك من الإفراط والتعدي ، فيحمله على الغلو والمجاوزة ، وتعدي الصراط المستقيم ، كما يَحْمِلُ الأول على التقصير دونه وألا يقربه .
ومقصوده من الرجلين إخراجهما عن الصراط المستقيم : هذا بألا يقربه ولا يدنو منه ، وهذا بأن يجاوزه ويتعداه ، وقد فتن بهذا أكثر الخلق ، ولا يُنْجي من ذلك إلا علم راسخ ، وإيمان وقوة على محاربته ، ولزوم الوسط . والله المستعان " ) .
--------------------------------------------------------------------------------------------
الإفراط: تجاوز الحد ويسمى الطغيان
التفريط: ترك ما يجب فعله, ترك بعض الفرائض أو إرتكاب بعض المعاصي أو الإتيان بالمكروه
--------------------------------------------------------------------------------------------
3- تثبيطه العباد عن العمل ورميهم بالتسويف والكسل :
وله في ذلك أساليب وطرق ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ( القافية : مؤخر الرأس ) ، إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب مكان كل عقدة ، عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ فذكر الله ، انحلت عقدة ، فإن توضأ ، انحلت عقدة ، فإن صلى ، انحلت عقدة ، فأصبح نشيطاً طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ).
وفي البخاري ومسلم : ( إذا استقظ أحدكم من منامه فتوضأ ، فليستثر ثلاثاً ، فإن الشيطان يبيت على خيشومه )
وفي صحيح البخاري : أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر عنده رجل نام ليلة حتى أصبح ، فقال : ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه ) ) .
وهذا الذي ذكرناه تكسيل وتثبيط من الشيطان بفعله ، وقد يثبط الإنسان بالوسوسة ، وسبيله في ذلك أن يحبب للإنسان الكسل ، ويسوّف العمل ، ويسند الأمر إلى طول الأمل ، يقول ابن الجوزي في هذا : ( كم قد خطر على قلب يهودي ونصراني حبّ الإسلام ، فلا يزال إبليس يثبطه ، ويقول : لا تعجل وتمهل النظر ، فيسوفه حتى يموت على كفره ، وكذلك يسوف العاصي بالتوبة ، فيعجل له غرضه من الشهوات ، ويمنيه الإنابة ،
كما قال الشاعر :
لا تعجل الذنب لما تشتهي ××× وتأمل التوبة من قابل
وكم من عازم على الجدّ سوفه ! وكم ساع إلى مقام فضيلة ثَبّطه ! فلربما عزم الفقيه على إعادة درسه ، فقال : استرح ساعة ، أو انتبه العابد في الليل يصلي ، فقال له : عليك وقت ، ولا يزال يحبب الكسل ، ويسوف العمل ، ويسند الأمر إلى طول الأمل .
فينبغي للحازم أن يعمل على الحزم ، والحزم تدارك الوقت ، وترك التسويف ، والإعراض عن الأمل ، فإنّ المخوف لا يؤمن ، والفوات لا يبعث ، وسبب كل تقصير ، أو ميل إلى شرّ طول الأمل ، فإن الإنسان لا يزال يحدّث نفسه بالنزوع عن الشر ، والإقبال على الخير ، إلا أنه يَعِدُ نفسه بذلك ، ولا ريب أنه من أمّل أن يمشي بالنهار سار سيراً فاتراً . ومن أمل أن يصبح عمل في الليل عملاً ضعيفاً ، ومن صوّر الموت عاجلاً جدّ ...
وقال بعض السلف : أنذركم ( سوف ) ، فإنها أكبر جنود إبليس ، ومثل العامل على الحزم والساكن لطول الأمل ، كمثل قوم في سفر ، فدخلوا قرية ، فمضى الحازم ، فاشترى ما يصلح لتمام سفره ، وجلس متأهباً للرحيل ، وقال المفرط : سأتأهب فربما أقمنا شهراً ، فضرب بوق الرحيل في الحال ، فاغتبط المحترز ( المتوقي الحازم ) ، وتحير الأَسِفُ المفرط .
فهذا مثل الناس في الدنيا ، منهم المستعد المستيقظ ، فإذا جاء ملك الموت لم يندم ، ومنهم المغرور المسوّف يتجرع مرير الندم وقت الرحلة . فإذا كان في الطبع حب التواني وطول الأمل ، ثم جاء إبليس يحث على العمل بمقتضى ما في الطبع ، صعبت المجاهدة ، إلا أنه من انتبه لنفسه علم أنه في صف حرب ، وأن عدوّه لا يفتر عنه ، فإن فتر في الظاهر ، بطّن له مكيدة ، وأقام له كميناً " .
-----------------------------------------------------------------------------------------
ثبيط الشيطان للإنسان بأن يجعله بدون همة عالية للإقبال على العبادات.
التسويف: هو تأجيل العمل
الكسل: هو ترك العمل
جهاد النفس يكون على أربع مراتب:
1-طلب العلم, بأن يجاهد نفسه على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها إلا به ولا سعادة إلا به ةان فاتها خسر الدنيا.
2-جهاد النفس على العمل بما تعلمت.
3-الدعوة لما علمت به النفس وإلا كانت من الكاتميين للحق.
4-الصبر على الأذى فيه وعلى أذى الخلق.
----------------------------------------------------------------------------
4- الوعد والتمنية :
وهو يعد الناس بالمواعيد الكاذبة ، ويعللهم بالأماني المعسولة ؛ كي يوقعهم في وهدة الضلال : ( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشَّيطان إلاَّ غروراً ) [ النساء : 120 ] .
يعد الكفرة في قتالهم المؤمنين بالنصر والتمكين والعزة والغلبة ، ثم يتخلى عنهم ، ويولي هاربا : ( وإذ زيَّن لهم الشَّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النَّاس وَإِنِّي جارٌ لكم فلمَّا تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إِنِّي برئٌ منكم ) [ الأنفال : 48 ] .
ويعد الأغنياء الكفرة بالثروة والمال في الآخرة بعد الدنيا ، فيقول قائلهم : ( ولئِن رُّددتُّ إلى رَبِّي لأجدنَّ خيراً منها منقلباً ) [ الكهف : 36 ] ، فيدمر الله جنته في الدنيا ، فيعلم أنّه كان مغروراً مخدوعاً .
ويشغل الإنسان بالأماني المعسولة ، التي لا وجود لها في واقع الحياة ، فيصده عن العمل الجاد المثمر ، ويرضى بالتخيل والتمني ، وهو لا يفعل شيئاً .
---------------------------------------------------------------------------
من أمثلة التمنية:
يزين الشيطان للإنسان الفاحشة ويمنيه ان الله غفور رحيم.
يوقع الشيطان الإنسان في المعاصي ويمنيه انه متصدق والصدقة تمحو السيئات.
ومن الأغنياء من يعتقد لغناه ومنزلته في الدنيا ان الله أعطاه هذا المال والجاه لعظم وكرم منزلته عند الله, فالبتالي سيكون عظيم وكريم عند الله ايضا في الآخرة.
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم