بسم الله الرحمن الرحيم
عَنْ ابِن عَمر قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثٌ مُهلِكَاتٌ، وَثَلاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وَثَلاثٌ كَفَارَاتٌ، وَثَلاثٌ دَرَجَاتٌ.
فأمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ.
وأمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَالعَدْلُ فِي الغَضَبِ والرِّضَى، والقَصْدُ فِي الفَقْرِ والغِنَى، وَخَشْيَةُ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ.
وأمَّا الكَفَّارَاتُ: فَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وإسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي السَّبَراتِ، وَنَقْلُ الأقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ.
وَأمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإطْعَامُ الطَّعَامِ، وإفْشَاءُ السَّلاَمِ، وَصَلاةٌ بِالَّليْلِ وَالنَّاسُ نِيَامُ)) رواه الطبراني، وحسَّنه الألبانيُّ –رحمهما الله- في صحيح الجامع برقم: 3045.
قال المنَّاويُّ -رحمه الله- في فيض القدير(3/ 405):
(ثَلاثٌ مُهلِكَاتٌ)؛ أي: مُوقِعات لفاعلِها في المهالِك.
(وَثَلاثٌ مُنْجِيَاتٌ) لِفاعلِها.
(وَثَلاثٌ كَفَارَاتٌ) لِذنوب فاعلها.
(وَثَلاثٌ دَرَجَاتٌ)؛ أي: منازل في الآخرة.
(فأمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ)؛ أي: بخل، يطيعه النَّاس فلا يؤدون الحقوق.
وقال الرَّاغب: خصَّ الْمُطَاع ليُنبِّه أنَّ الشُّح في النَّفس ليس مما يستحق به ذم؛ إذ ليس هو من فعله؛ وإنما يُذمُّ بالانقياد له.[1]
(وَهَوًى مُتَّبَعٌ) بأنْ يتبِّع كلَّ أحدٍ ما يأمرُهُ بِه هواه.
(وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ)؛ أي: تحسين كل أحد نفسه على غيره، وإن كان قبيحًا.
قال القرطبيُّ: وإعجاب المرء بنفسه هو ملاحظة لها بعين الكمال، مع النِّسيان لنعمة الله، والإعجاب وجدان شئ حسنًا؛ قال تعالى في قصة قارون: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}[2]؛ قال الله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ}[3]؛ فثمرة العُجْبِ الهلاك.
قال الغزاليُّ: ومن آفات العُجْب: أنَّه يحجب عن التَّوفيق والتَّأييد من الله تعالى؛ فإن عجب مخذول، فإذا انقطع عن العبد التأييد والتوفيق فما أسرع ما يهلك!
قال عيسى عليه الصلاة والسلام: يا معشر الحواريين! كم سراج قد أطفأته الريح، وكم عابد أفسده العُجْب.
(وأمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَالعَدْلُ فِي الغَضَبِ والرِّضَى، والقَصْدُ فِي الفَقْرِ والغِنَى، وَخَشْيَةُ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ) قدَّم السرَّ؛ لأنَّ تقوى الله فيه أعلى درجة من العلن؛ لما يخاف من شوب رؤية الناس، وهذه درجة المراقبة، وخشيته فيهما تمنع من ارتكاب كل منهي، وتحثه على فعل كل مأمور؛ فإن حصل للعبد غفلة عن ملاحظة خوفه وتقواه فارتكب مخالفة مولاه؛ لجأ إلى التوبة، ثم داوم الخشية.
(وأمَّا الكَفَّارَاتُ) جمع كفارة، وهي الخصال التي من شأنها أن تكفِّر؛ أي: تستر الخطيئة وتمحوها.
(فَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ) ليصليها في المسجد.
(وإسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي السَّبَراتِ) جمع سَبْرَة -بسكون الموحدة-؛ وهي شِدَّة البرد؛ كسجدة وسجدات.
(وَنَقْلُ الأقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ)؛ أي: إلى الصلاة مع الجماعة.
(وَأمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإطْعَامُ الطَّعَامِ) للجائع.
(وإفْشَاءُ السَّلاَمِ) بين الناس من عرفته، ومن لم تعرفه.
(وَصَلاةٌ بِالَّليْلِ وَالنَّاسُ نِيَامُ)؛ أي: التهجد في جوف الليل حال غفلة النَّاس واستغراقهم في لذَّة النوم؛ وذلك هو وقت الصفاء، وتنزلات غيث الرحمة، وإشراف الأنوار.
[1] لأنَّه من لوازم النَّفس، مستمدٌ من أصل جبلتها الترابيّ، وفي التُّراب قبض وإمساك، وليس ذلك بعجيب من الآدمي وهو جبلِّيّ؛ إنَّما العجيب وجود السخاء في الغريزة؛ وهو النُّفوس الفاضلة، الدَّاعي إلى البذل والإيثار.
[2] [القصص: 78].
[3] [القصص: 81]
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم