تقي مصارع السوء
بقلم منى محمود ( أم مجاهد )
وقفت أمامها باكية مرتجفة: ساعديني أختي الكريمة أم جود! مُدي لي يد العون؛ إنه أخي الذي يقبع في سجون الاحتلال سنين وسنين حتى أقعده التعذيب عن الحراك! وما عادت قدماه تحملانه! أصبح حبيس الكرسي بعد كان حبيس القضبان! عرضناه مؤخرًا على طبيب فجدد لنا الأمل، عملية نوعية بعدها بإذن الله سينهض على قدميه! لا ترديني فالأمل بك بعد الله تعالى! ليس عندي ما أطعم به صغاري؛ فكيف بتكاليف هذه العملية!؟
لمست كلمات المصطفى الحبيب شغاف قلب أم جود، وهزت مشاعرها بعنف (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) تقي مصارع السوء! فجاء الرد سريعًا، توكلنا على الله؛ ابدئي إجراءات العملية، واعتبري المبلغ جاهزًا!
انهمرت الدموع حارة، وارتفعت الأيادي بالدعاء الخالص، وجاء صوتها المختلط بالنحيب: ربي يتقبل منك، ويجعل عملك خالصًا لوجهه الكريم.
لأم جود صديقة تملك مزرعة جميلة، فيها بركة سباحة، وحظائر للخراف وطيور وأرانب، وبط، وإوز، ناهيك عن أشجار النخيل الباسقة، والزروع التي تملأ الأرجاء! وتدعوها لها يومًا بين الحين والحين لتقضية مع أسرتها، حفاظًا على خصوصيتهم، وراحتهم، لقضاء يوم أسري دافئ جميل.
وللأولاد استعداداتهم الخاصة لهذا اليوم: العوامات، والكرات البلاستكية، ومسدسات الماء.. و..و!
انطلقوا صباح ذلك اليوم، مسرعين متلهفين! وما أن وصلوا حتى كانت خيوط الشمس الذهبية تشاركهم صفحات المياه الزرقاء، التي تبرد عليهم حرارة صيفيهم القائظ..
جلست أم جود بجانب البركة تراقبهم بحنو أمومي رهيف، فصغيرهم لمّا يتعلم السباحة بعد، والمسألة ليست ساعة أو اثنتين، فلك أن تتخيل أطفال مع بركة سباحة.
نادت عليهم أم جود: سأذهب للبيت الريفي الذي لا يبعد سوى أمتار عن البركة، فانتبهوا.. وأوصت صغيرها ألا يخلع العوامات، ولا.. ولا.. واستودعتهم الذي لا تضيع ودائعه!
وبعد أقل من ساعة جاء الأولاد يحملون الصغير: أمي.. أمي..
ما أن ذهبت حتى خلع العوامات، وأخذ يلعب بالكرة حولنا، ونحن نراه ونراقبه، ولا ندري كيف سقط في الماء؟ رأيناه يغرق حتى دون أن يصرخ صرخة واحدة، فقفزنا حيث هو وأخرجناه.. وها هو أمامك!
هبت أم جود مذعورة وأمسكت به، ولا كأنه سقط في الماء، حتى إنه لم يبتلع نقطة واحدة! سجدت لله شكرًا أن نجي صغيرها، وتمتمت في سجدتها: تقي مصارع السوء، حقًّا.. إنها تقي مصارع السوء!
وأسوق قصة أغرب من الخيال::
في بلد تٌسمى "الحمرة" عاش رجل ذو دين وصدقة، واتفق أنه بني مسجدًا يصلي فيه، وجعل يأتي ذلك المسجد كل ليلة بالسراج وبعشائه، فإن وجد في المسجد من يتصدق علية أعطاه ذلك العشاء، وإلا أكله وصلى صلاته! واستمر على ذلك الحال سنين، يتصدق ويصلي.
ثم إنها أراد الله تعالى أن تصيب المنطقة سنة، وينضب ماء الآبار، وكانت له بئر، فلما قل ماؤها أخذ يحتفرها هو وأولاده، فخربت تلك البئر خرابًا عظيمًا، حتى انهار ما حولها من الأرض فيها، والرجل في أسفلها، فأخذ أولاده يحفرون، ويجتهدون في إزالة التراب المنهار، حتى بلغ منهم الجهد، ويئسوا من الوصول إليه، فتوقفوا عن الحفر، وقالوا: قد صار هذا قبره، وكان ذلك الرجل عند خراب البئر فى كهف فيها، فوقعت إلى بابه خشبة منعت الحجارة من أن تصيبه، فأقام في ظلمة عظيمة، ثم إنه بعد ذلك جاءه السراج الذي كان يحمله إلى المسجد، وذلك الطعام الذي كان يحمله كل ليله، وكان به يفرق ما بين الليل والنهار، واستمر له ذلك ست سنين وهو مقيم في ذلك المكان، على تلك الحال!
ثم إنه بدا لأولاده أن يحفروا البئر لإعادة عمارتها، فحفروها حتى انتهوا إلى أسفلها، فوجدوا أباهم حيًّا،ُ فسألوه عن حاله فقال لهم: السراج والطعام الذي كنت أحمله إلى المسجد يأتيني على ما كنت أحمله تلك المدة؛ فصارت قصته موعظة يتعظ بها الناس في أسواق تلك البلدة!
حقاُ "تقي مصارع السوء"
بقلم منى محمود ( أم مجاهد )
وقفت أمامها باكية مرتجفة: ساعديني أختي الكريمة أم جود! مُدي لي يد العون؛ إنه أخي الذي يقبع في سجون الاحتلال سنين وسنين حتى أقعده التعذيب عن الحراك! وما عادت قدماه تحملانه! أصبح حبيس الكرسي بعد كان حبيس القضبان! عرضناه مؤخرًا على طبيب فجدد لنا الأمل، عملية نوعية بعدها بإذن الله سينهض على قدميه! لا ترديني فالأمل بك بعد الله تعالى! ليس عندي ما أطعم به صغاري؛ فكيف بتكاليف هذه العملية!؟
لمست كلمات المصطفى الحبيب شغاف قلب أم جود، وهزت مشاعرها بعنف (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) تقي مصارع السوء! فجاء الرد سريعًا، توكلنا على الله؛ ابدئي إجراءات العملية، واعتبري المبلغ جاهزًا!
انهمرت الدموع حارة، وارتفعت الأيادي بالدعاء الخالص، وجاء صوتها المختلط بالنحيب: ربي يتقبل منك، ويجعل عملك خالصًا لوجهه الكريم.
لأم جود صديقة تملك مزرعة جميلة، فيها بركة سباحة، وحظائر للخراف وطيور وأرانب، وبط، وإوز، ناهيك عن أشجار النخيل الباسقة، والزروع التي تملأ الأرجاء! وتدعوها لها يومًا بين الحين والحين لتقضية مع أسرتها، حفاظًا على خصوصيتهم، وراحتهم، لقضاء يوم أسري دافئ جميل.
وللأولاد استعداداتهم الخاصة لهذا اليوم: العوامات، والكرات البلاستكية، ومسدسات الماء.. و..و!
انطلقوا صباح ذلك اليوم، مسرعين متلهفين! وما أن وصلوا حتى كانت خيوط الشمس الذهبية تشاركهم صفحات المياه الزرقاء، التي تبرد عليهم حرارة صيفيهم القائظ..
جلست أم جود بجانب البركة تراقبهم بحنو أمومي رهيف، فصغيرهم لمّا يتعلم السباحة بعد، والمسألة ليست ساعة أو اثنتين، فلك أن تتخيل أطفال مع بركة سباحة.
نادت عليهم أم جود: سأذهب للبيت الريفي الذي لا يبعد سوى أمتار عن البركة، فانتبهوا.. وأوصت صغيرها ألا يخلع العوامات، ولا.. ولا.. واستودعتهم الذي لا تضيع ودائعه!
وبعد أقل من ساعة جاء الأولاد يحملون الصغير: أمي.. أمي..
ما أن ذهبت حتى خلع العوامات، وأخذ يلعب بالكرة حولنا، ونحن نراه ونراقبه، ولا ندري كيف سقط في الماء؟ رأيناه يغرق حتى دون أن يصرخ صرخة واحدة، فقفزنا حيث هو وأخرجناه.. وها هو أمامك!
هبت أم جود مذعورة وأمسكت به، ولا كأنه سقط في الماء، حتى إنه لم يبتلع نقطة واحدة! سجدت لله شكرًا أن نجي صغيرها، وتمتمت في سجدتها: تقي مصارع السوء، حقًّا.. إنها تقي مصارع السوء!
وأسوق قصة أغرب من الخيال::
في بلد تٌسمى "الحمرة" عاش رجل ذو دين وصدقة، واتفق أنه بني مسجدًا يصلي فيه، وجعل يأتي ذلك المسجد كل ليلة بالسراج وبعشائه، فإن وجد في المسجد من يتصدق علية أعطاه ذلك العشاء، وإلا أكله وصلى صلاته! واستمر على ذلك الحال سنين، يتصدق ويصلي.
ثم إنها أراد الله تعالى أن تصيب المنطقة سنة، وينضب ماء الآبار، وكانت له بئر، فلما قل ماؤها أخذ يحتفرها هو وأولاده، فخربت تلك البئر خرابًا عظيمًا، حتى انهار ما حولها من الأرض فيها، والرجل في أسفلها، فأخذ أولاده يحفرون، ويجتهدون في إزالة التراب المنهار، حتى بلغ منهم الجهد، ويئسوا من الوصول إليه، فتوقفوا عن الحفر، وقالوا: قد صار هذا قبره، وكان ذلك الرجل عند خراب البئر فى كهف فيها، فوقعت إلى بابه خشبة منعت الحجارة من أن تصيبه، فأقام في ظلمة عظيمة، ثم إنه بعد ذلك جاءه السراج الذي كان يحمله إلى المسجد، وذلك الطعام الذي كان يحمله كل ليله، وكان به يفرق ما بين الليل والنهار، واستمر له ذلك ست سنين وهو مقيم في ذلك المكان، على تلك الحال!
ثم إنه بدا لأولاده أن يحفروا البئر لإعادة عمارتها، فحفروها حتى انتهوا إلى أسفلها، فوجدوا أباهم حيًّا،ُ فسألوه عن حاله فقال لهم: السراج والطعام الذي كنت أحمله إلى المسجد يأتيني على ما كنت أحمله تلك المدة؛ فصارت قصته موعظة يتعظ بها الناس في أسواق تلك البلدة!
حقاُ "تقي مصارع السوء"
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم