طعم الحصاد
بقلم: أم مجاهد.. منى دولة
بقلم: أم مجاهد.. منى دولة
للنجاح طعم مميز .... طعم يمتزج فيه سهر الليالي وكد الأيام بمكابدة الكتب ومطالعة الدوريات .... ثم يكون الحصاد .
بعد أيام حفل تخرج هشام ... أول فرحة ستتذوق طعمها أسرة عبد الواحد ... إنها فرحة الحصاد . فهشام أكبر أبنائها، وسيتخرج بعد أيام وبما أن الجامعة فى البلدة المجاورة ، استعدت الأسرة جميعها للسفر والمشاركة في هذه المناسبة السعيدة .
بدأ الاستعداد ... سعاد جهزت باقة من الأزهار واشترت الورود الجميلة من مصروفها الخاص ، وحسام جهز حزمة من البالونات ... وأسامة اشترى بوقًا لينفخ فيه فيصدر صوتًا كصوت الأسد عند استلام هشام درع التخرج .
أما أم عبد الواحد فجهزت ساعة تليق بمثل هذه المناسبة ... ففرحتها غامرة، ولسانها يلهج بالدعاء بأن يمن الله على جميع المسلمين بما يسر قلوبهم، ويقر عيونهم بأبنائهم وبناتهم ....
لعبد الواحد عمة تقطن في الريف .. ولم يسافر من بلده أبدًا قبل توديعها .. ولكن الوقت قليل، وبيتها بعيد، والطريق إليه غير معبد ... والوقت بالكاد يكفي لاستعدادات السفر ....
لم يطل تفكيره كثيرًا ... لأنه موقن بأن البركة ستحل به وبأولاده وبماله وبكل حياته بوصل رحم أبيه، فعمته آخر من بقي من أهل أبيه بعد موته ....
بل قرر أخذ جميع الأولاد معه .... وفعلاً ... ذهب للحبيبة أخت الحبيب، قبّل رأسها ويديها ... وتنسم رائحة الحبيب الفقيد فيها ... وقبل أن يفارقها مودعًا أعطاها مبلغا من المال زيادة بر بها ، خاصة وأنها مستورة الحال ....
دعت له كثيرًا ... وودعته بدموع غزيرة لشدة حبها إياه... فهي تقول إنها ترى أخاها فيه .... وهو من بقي لها ... يحنو عليها، ويتفقدها بين الحين والحين بالزيارة والعطاء رغم مكانها البعيد .
اليوم موعد الحفل ... بدلة العريس جاهزة ، ورداء التخرج الجميل، وربطة العنق الأنيقة ... وكل شيء معد على أحسن حال ....
غادرت الأسرة لحضور حفل التخرج ... والسعادة تغمر قلوبهم ... فهذا الحصاد ليس لهشام وحده ... بل هو حصاد أفراد الأسرة جميعًا ... (بيت بيت... فرد فرد ..وزنقة زنقة ..).
ركبوا سيارة أجرة ... وفي الطريق سمعوا صوتًا صادرًا من مقدمة السيارة ... سألوا السائق عنه لكنه تجاهل سؤالهم وأكمل الطريق ... بعد قليل إذ بدخان أبيض كثيف يتصاعد من جهة الموتور ... توقفوا سريعًا على جانب الطريق ... ولحظات بعدها واشتعلت النيران .. وتوقف المرور ... ونزل سائقو السيارات وأعملوا مطفآت الحريق حتى خمدت النيران .
سجد عبد الواحد لله شكرًا أن نجى عائلته الصغيرة من حادث كاد يكون أليمًا ...لكنه اللطيف سبحانه .
لعلها دعوة العمة ...ولعلها بركة الصدقة ...ولعلها بركة صلة الأرحام .... ولعل كل ذلك معاً وقبله المولى اللطيف....
وهــو اللطيف بــعبده ولــعبده *** والـلـطف في أوصـافه نـوعـانِ
إدراك أســرار الأمــور بخُـبرة *** والـلـطف عند مواقع الإحـسـانِ
فيــُريك عزته ويُـبدي لطـــفه *** والعبد في الغفلات عن ذا الشانِ
مر وقت .... لعله دقائق ...بل لعلها ساعات ... حتى استجمع الجميع أعصابهم ونفسياتهم ... ثم انطلقوا بسيارة أخرى للقاعة المزمع عقد الحفل فيها .
كان حفلاً جميلاً مؤثرا ... بدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم ... ثم كلمة لعميد الجامعة ... وتلاها شكر وتكريم للمدرسين والمدرسات والإداريين ...
فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله ....
وأحلى وأعذب الكلمات كانت كلمة الخريجين ... ألقاها أحدهم شاكرًا لله على هذه النعمة ثم شكر والديه، وتمنى لو أن خده مداس لهما ليوفيهما حقهما ... وسأل الله له ولزملائه أن يجعل هذه الشهادات وهذا العلم خدمة للإسلام والمسلمين بل للبشرية جمعاء.
عرض فيلم مؤثرا أعده الخريجون ... صورة كل منهم بلباس التخرج بجانب صورة له صغيرا ... كأن الأيام والسنين اختزلت بلحظات حقًّا ما أسرع الأيام؟!
وفيلم أخر .... بدأ بتصوير أحدهم واقفًا بباب الجامعة في السنة الأولى ... ثم كيف أصبح حاله في السنة الثانية ، وبين سطور الفلم ما يحسن الزملاء قراءته ... مرة يضحكهم ومرة يبكيهم ... وهكذا ... حتى كانت السنة الأخيرة صورته غارقا بين الكتب .. وصور .. كلها تعبر عن ساعات طويلة من الجد والاجتهاد والتعب والمثابرة .....
لكن المهم هو النهاية .... إنه النجاح ....
وأما الأهالي الحاضرين ... فانطلقت الأبواق والصيحات والهتافات وأحيانًا الزغاريد معبرة عما تكنه القلوب من مشاعر فاضت بها هذه المناسبة المؤثرة الجميلة.
اللهم ارزقنا بر أبنائنا في الدنيا.. ولا تحرمنا هذه النعمة العظيمة ....وارزقهم رضانا ولا تحرمهم باب بر الوالدين في الجنة .....
وارزقنا قرة العين ... واجعلهم أسهما في نصرة دينك.. واجعل علمهم حجة لهم لا عليهم.. آمين ..آمين
بعد أيام حفل تخرج هشام ... أول فرحة ستتذوق طعمها أسرة عبد الواحد ... إنها فرحة الحصاد . فهشام أكبر أبنائها، وسيتخرج بعد أيام وبما أن الجامعة فى البلدة المجاورة ، استعدت الأسرة جميعها للسفر والمشاركة في هذه المناسبة السعيدة .
بدأ الاستعداد ... سعاد جهزت باقة من الأزهار واشترت الورود الجميلة من مصروفها الخاص ، وحسام جهز حزمة من البالونات ... وأسامة اشترى بوقًا لينفخ فيه فيصدر صوتًا كصوت الأسد عند استلام هشام درع التخرج .
أما أم عبد الواحد فجهزت ساعة تليق بمثل هذه المناسبة ... ففرحتها غامرة، ولسانها يلهج بالدعاء بأن يمن الله على جميع المسلمين بما يسر قلوبهم، ويقر عيونهم بأبنائهم وبناتهم ....
لعبد الواحد عمة تقطن في الريف .. ولم يسافر من بلده أبدًا قبل توديعها .. ولكن الوقت قليل، وبيتها بعيد، والطريق إليه غير معبد ... والوقت بالكاد يكفي لاستعدادات السفر ....
لم يطل تفكيره كثيرًا ... لأنه موقن بأن البركة ستحل به وبأولاده وبماله وبكل حياته بوصل رحم أبيه، فعمته آخر من بقي من أهل أبيه بعد موته ....
بل قرر أخذ جميع الأولاد معه .... وفعلاً ... ذهب للحبيبة أخت الحبيب، قبّل رأسها ويديها ... وتنسم رائحة الحبيب الفقيد فيها ... وقبل أن يفارقها مودعًا أعطاها مبلغا من المال زيادة بر بها ، خاصة وأنها مستورة الحال ....
دعت له كثيرًا ... وودعته بدموع غزيرة لشدة حبها إياه... فهي تقول إنها ترى أخاها فيه .... وهو من بقي لها ... يحنو عليها، ويتفقدها بين الحين والحين بالزيارة والعطاء رغم مكانها البعيد .
اليوم موعد الحفل ... بدلة العريس جاهزة ، ورداء التخرج الجميل، وربطة العنق الأنيقة ... وكل شيء معد على أحسن حال ....
غادرت الأسرة لحضور حفل التخرج ... والسعادة تغمر قلوبهم ... فهذا الحصاد ليس لهشام وحده ... بل هو حصاد أفراد الأسرة جميعًا ... (بيت بيت... فرد فرد ..وزنقة زنقة ..).
ركبوا سيارة أجرة ... وفي الطريق سمعوا صوتًا صادرًا من مقدمة السيارة ... سألوا السائق عنه لكنه تجاهل سؤالهم وأكمل الطريق ... بعد قليل إذ بدخان أبيض كثيف يتصاعد من جهة الموتور ... توقفوا سريعًا على جانب الطريق ... ولحظات بعدها واشتعلت النيران .. وتوقف المرور ... ونزل سائقو السيارات وأعملوا مطفآت الحريق حتى خمدت النيران .
سجد عبد الواحد لله شكرًا أن نجى عائلته الصغيرة من حادث كاد يكون أليمًا ...لكنه اللطيف سبحانه .
لعلها دعوة العمة ...ولعلها بركة الصدقة ...ولعلها بركة صلة الأرحام .... ولعل كل ذلك معاً وقبله المولى اللطيف....
وهــو اللطيف بــعبده ولــعبده *** والـلـطف في أوصـافه نـوعـانِ
إدراك أســرار الأمــور بخُـبرة *** والـلـطف عند مواقع الإحـسـانِ
فيــُريك عزته ويُـبدي لطـــفه *** والعبد في الغفلات عن ذا الشانِ
مر وقت .... لعله دقائق ...بل لعلها ساعات ... حتى استجمع الجميع أعصابهم ونفسياتهم ... ثم انطلقوا بسيارة أخرى للقاعة المزمع عقد الحفل فيها .
كان حفلاً جميلاً مؤثرا ... بدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم ... ثم كلمة لعميد الجامعة ... وتلاها شكر وتكريم للمدرسين والمدرسات والإداريين ...
فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله ....
وأحلى وأعذب الكلمات كانت كلمة الخريجين ... ألقاها أحدهم شاكرًا لله على هذه النعمة ثم شكر والديه، وتمنى لو أن خده مداس لهما ليوفيهما حقهما ... وسأل الله له ولزملائه أن يجعل هذه الشهادات وهذا العلم خدمة للإسلام والمسلمين بل للبشرية جمعاء.
عرض فيلم مؤثرا أعده الخريجون ... صورة كل منهم بلباس التخرج بجانب صورة له صغيرا ... كأن الأيام والسنين اختزلت بلحظات حقًّا ما أسرع الأيام؟!
وفيلم أخر .... بدأ بتصوير أحدهم واقفًا بباب الجامعة في السنة الأولى ... ثم كيف أصبح حاله في السنة الثانية ، وبين سطور الفلم ما يحسن الزملاء قراءته ... مرة يضحكهم ومرة يبكيهم ... وهكذا ... حتى كانت السنة الأخيرة صورته غارقا بين الكتب .. وصور .. كلها تعبر عن ساعات طويلة من الجد والاجتهاد والتعب والمثابرة .....
لكن المهم هو النهاية .... إنه النجاح ....
وأما الأهالي الحاضرين ... فانطلقت الأبواق والصيحات والهتافات وأحيانًا الزغاريد معبرة عما تكنه القلوب من مشاعر فاضت بها هذه المناسبة المؤثرة الجميلة.
اللهم ارزقنا بر أبنائنا في الدنيا.. ولا تحرمنا هذه النعمة العظيمة ....وارزقهم رضانا ولا تحرمهم باب بر الوالدين في الجنة .....
وارزقنا قرة العين ... واجعلهم أسهما في نصرة دينك.. واجعل علمهم حجة لهم لا عليهم.. آمين ..آمين
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم