حركة دينية انتشرت في العالم الاسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو الى الزهد وشدة العبادة كرد فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري. ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية. ولا شك ان ما يدعو اليه الصوفية من الزهد والورع والتوبة والرضا, انما هي أمور من الاسلام الذي يحث على التمسك بها والعمل من اجلها, ولكن الصوفية في ذلك يخالفون ما دعا اليه الاسلام حيث ابتدعوا مفاهيم وسلوكيات مخالفة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته, فالمتصوفة يتوخون تربية النفس والسمو بها بغية الوصول الى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لا عن طريق اتباع الوسائل الشرعية.
نشأة الصوفية
لا يعرف على وجه التحديد من بدأ التصوف في الاسلام ويقال بأن التصوف اول ما ظهر كان في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس, والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة, يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: "ان اول من عرف بالصوفي هو ابوهاشم الكوفي سنة 150هـ" وقد بلغ التصوف ذروته في نهاية القرن الثالث وواصلت الصوفية انتشارها في بلاد فارس ثم العراق ومصر والمغرب, وظهرت من خلالها الطرق الصوفية.
من أين اشتق اسم الصوفية؟
لم يتفق الكتاب من المتصوفة وغيرهم في تحديد الأصل الذي يمكن ارجاع اشتقاق لفظ التصوف اليه, ولعل من ابرز ما ذكر عن مسمى التصوف ما يلي:
الصُفة: حيث سموا بذلك نسبة الى اهل الصفة وكان لقبا اعطي لبعض فقراء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
الصفاء: ومعناها ان الصوفية صافية من الشرور وشهوات الدنيا, وهذا الاشتقاق غير صحيح لغويا فالنسبة الى الصفاء: صفوي او صفاوي او صفائي وليس صوفيا.
الصف الأول: بعض الصوفية ينسبون انفسهم الى الصف الاول من المؤمنين في الصلاة, وهذا التعبير بعيد عن سلامة الاشتقاق اللغوي بالنسبة الى الصف: صفي لا صوفي.
بني صوفة: بعضهم ينسبون الصوفية الى بني صوفة وهي قبيلة بدوية كانت تخدم الكعبة في الجاهلية.
الصوف: وفي هذا يذهب غالب المتصوفة المتقدمين والمتأخرين الى ان الصوفي منسوب الى لبس الصوف, وحرص معظم الصوفية الى رد اسمهم الى هذا الاصل يفسر تشوفهم الى المبالغة في التقشف والرهبنة وتعذيب النفس والبدن باعتبار ذلك كله لونا من الوان التقرب الى الله. كما يرون ان لبس الصوف دأب الأنبياء عليهم السلام والصديقين وشعار المساكين المتنسكين.
العقيدة الصوفية:
تختلف العقيدة الصوفية عن عقيدة الكتاب والسنة في امور عديدة من اهمها: مصدر المعرفة الدينية, ففي الاسلام لا تثبت عقيدة إلا بقرآن وسنة لكن في التصوف تثبت العقيدة بالالهام والوحي المزعوم للأولياء والاتصال بالجن الذين يسمونهم الروحانيين, وبعروج الروح الى السماوات, وبالفناء في الله, وانجلاء مرآة القلب حتى يظهر الغيب كله للولي الصوفي حسب زعمهم, وبالكشف, وبربط القلب بالرسول صلى الله عليه وسلم حيث يستمد العلوم منه. واما القرآن والسنة فإن للصوفية فيهما تفسيرا باطنيا حيث يسمونه احيانا تفسير الاشارة ومعاني الحروف فيزعمون ان لكل حرف في القرآن معنى لا يطلع عليه إلا الصوفي المتبحر, المكشوف عن قلبه.
عقيدة الصوفية في الله تعالى:
يعتقد المتصوفة في الله عقائد شتى منها "الحلول" الذي يعني ان يكون الصوفي الها وربا يعلم الغيب كله كما يعلمه الله سبحانه وتعالى حيث ان الهدف الصوفي هو الوصول الى مقام النبوة أولا ثم الترقي حتى يصل الفرد منهم في زعمهم الى مقام الألوهية والربوبية. البسطامي من اعلام القرن الثالث في التصوف ومن أئمة الصوفية يقول: "رفعني مرة فأقامني بين يديه, وقال لي: يا أبايزيد ان خلقي يحبون ان يروك, فقلت: زيني بوحدانيتك, وألبسني انانيتك, وارفعني الى احديتك..." تعالى الله عما يقول علوا كبيرا
عقيدة الصوفية في الرسول صلى الله عليه وسلم:
يعتقد الصوفية في الرسول صلى الله عليه وسلم عقائد شتى فمنهم من يزعم ان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل الى مرتبتهم وحالهم, وانه كان جاهلا بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي: "خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله" ومنهم من يعظم الرسول صلى الله عليه وسلم الى درجة الوصول الى الألوهية حيث يعتقد البعض من الصوفية ان الرسول صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون وهو الله المستوي على العرش وان السماوات والارض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره وانه اول موجود وهو المستوي على عرش الله وهذه عقيدة ابن عربي ومن جاء بعده.
عقيدة الصوفية في الاولياء:
يرى الصوفية ان الولي هو: "من يتولى الله سبحانه امره فلا يكله الى نفسه لحظة, ومن يتولى عبادة الله وطاعته, فعبارته تجري على التوالي من غير ان يتخللها عصيان" وحقيقة الولي عند الصوفية انه يسلب من جميع الصفات البشرية ويتحلى بالاخلاق الالهية ظاهرا وباطنا , ويصل الى المساواة مع الله سبحانه وتعالى حيث يعتقد الصوفية في الأولياء بأن لهم القدرة على انزال المطر وشفاء الأمراض واحياء الموتى وحفظ العالم من الدمار.
عقيدة الصوفية في الجنة والنار:
الصوفية يعتقدون ان طلب الجنة والفرار من النار ليس هدفا , فالله يعبد لذاته حيث يزعم المتصوفة ان العبادة الحقة هي ما كانت دون طلب العوض من الله وان يشهد فيها فعل الله لا فعل العبد, وان من شاهد فعله في الطاعة فقد جحد. والصوفية يعتقدون ان طلب الجنة منقصة عظيمة وانه لا يجوز للولي ان يسعى اليها ولا ان يطلبها ومن طلبها فهو ناقص, وانما الطلب عندهم والرغبة في الفناء (المزعوم) في الله, والاطلاع على الغيب والتعريف في الكون.. هذه جنة الصوفي المزعومة. واما النار فإن الصوفية يعتقدون ايضا ان الفرار منها لا يليق بالصوفي الكامل لان الخوف منها طبع العبيد وليس الاحرار.
وقد يظن المسلم في عصرنا الحاضر ان هذه العقيدة في الجنة والنار عقيدة سامية وهي ان يعبد الانسان الله لا طمعا في الجنة ولا خوفا من النار, ولكنها عقيدة غير صحيحة ومخالفة لعقيدة الكتاب والسنة.
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم