يَعِدُهم ويُمنّيهم
الحاجة سعاد .. ابتُليت بمرض زوجها الخبيث منذ سنوات . وقفتبجانبه تشد أزره وترفع من معنوياته وتهوّن عليه آلام مرضه التب زادتها الجرعات الكيماوية ، وتزيل مخاوفه من ترك أبنائه من بعده ايتاماً.
فهو أب لسبعة من الأبناء والبنات ، كلهم في المدارس إلا كبراهم في سنتها الجامعية الثانية.
كان يُشفق على زوجته أكثر من نفسه ، اضضطرت للاستقالة من وظيفتها المرموقة لترافقه الساعات الطوال في المستشفى. وعندها الأولاد وتدريسهم وعليها إعداد الطعام وشراء الحاجيات، فهم في بلد الغربة منذ بداية زواجهم ولا أحد لهم بعد الله إلا القليل من الأصدقاء.
كانا يتحاوران بلغة العيون ، فالأجهزة المعلقة على جسده النحيل أكثر من أن تعد .. تسمعه بقلبها يدعو لها ويسمع كلماتها التي تبث الأمل الجميل الذي يداعب شغاف قلبه قبل أذنيه.
أول ما اكتشف المرض ... ذهبا لأداء فريضة الحج ودعت الله بأن يثبت قلبها في مصابها ويعينها على مشوار حياتها ، ويوفقها لحسن تأديب أولادها ، وأن يهوّن عليه وعليها لحظات مرضه .. خاصة الأخيرة ... والتي سيكون بعدها الفراق.. لك الله أيها القلب الذي سيَكلم بفقد الحبيب .. لكم الله يا عيالي الذين سيقهر أبيكم الموت ، فتصبحوا من بعده أيتاماً .. لنا جميعاً الله مثبتاً ومعيناً على البلاء .
وكانت اللحظة المرتقبة .. شرب زوجها من كأس الموت الذي سيشرب منه كل انسان .. أرادت دفنه هنا حيث أسلم الروح ، فكرامة الميت سرعة دفنه ، لكنها اضطرت تحت إصرار عائلته الى نقل جثمانه الى بلده ( وإلا أكل الناس وجههم) كما يزعمون .. وإن كانت مصاريف النقل والدفن الباهظة ستنفق من أموال الأيتام .
ليت الأمر توقف عند هذا .. بل أوصوها بألا تنسى علبة السجائر المستوردة .. والبن البرازيلي الفاخر ليقدما في سرادق العزاء .. فابننا في الغربة منذ سنين وماذا سيقول الناس ؟! ابننا رخيص ؟؟
تركت أولادها السبعة وسافرت ، يرافقها جثمان الغالي ليتم الدفن كما أرادوا .. وبدأت طقوس ومراسيم العزاء .. أقيم سرادق ضخم سدّ شارعهم من أوله الى آخره .. وتم إحضار طاقم ضيافة من فندق خمسة نجوم لصب القهوة الفاخرة وتقديم علب الجائر الستوردة .. فالمرحوم غالي .. والغالي ثمنه غالي .. وكله من مال الأيتام .
جلست وحولها النساء ، يتأملن أركان المنزل الفاخرة وأطقم الكنب الأنيقة ، ونجفات السقف الكريستالية والستائر المخملية .. وبدلاً من كلمات العزاء ، جلسن يندبن حظها ، ويُسَخّطنها على ربها.. لماذا أنت يا حاجة سعاد ؟ أنت تصلين وتصومين وأكثرنا صدقة، حتى أنك أنت الوحيدة من العائلة مَن أدت فريضة الحج ؟؟
لماذا أنت ؟ والأولاد ؟ والمصاريف ؟ والمدارس ؟ والمسؤوليات ؟؟
وكلام يملأ القلب يأساً من رَوح الله وشكاً في أقداره وحكمته سبحانه .
على جناح السرعة عادت لبيتها واولادها تلملم شعث قلبها النازف .. فالطريق أمامها طويل ... لم تضطر للبحث عن عمل .. فشهادتها الرفيعة وكفاءتها العالية أوصلت عقود العمل المغرية ليديها دون أدنى جهد. وأعادت ترتيب أوراقها .. وبدأت ساقية الحياة تدور من جديد.
وبعد انقضاء عدّتها بدأت تفكر بالزواج ، لكنه ليس أي زواج ، مطلوب عريس وسيم، ذو شخصية مميزة، غني صاحب مركز مرموق والأهم أن يكون في مثل عمرها .. لمَ لا . وهي صاحبة الجمال والدلال والمال ؟ رغم كثرة العيال .
وكثر الخطاب من حولها .. هذا قاضٍ أرمل لم يرزقه الله بأبناء .. يريد أن يصبح أباً للأيتام، وهذا رجل أعمال يكبرها بعشر سنوات ، وهذا صاحب محلات تجارية لكن تنقصه الوسامة، وهذا وذاك ... ولا أحد رغم كثرتهم تنطبق عليه المواصفات .
بدأت بوضع مساحيق الزينة لتبرز جمالها الفتان ! إنه العريس !! ثم بدأت برش العطور الفواحة .. . تعَجّب الجميع ... فهي المعروفة بحشمتها ووقارها .. لكنه العريس .. ثم تخلّت عن العباءة ولبست الضيق من الثيات، وبدأت خطوات التراجع في التزامها تقلق مَن حولها من أخواتها اللواتي أحببنها في الله ولله . ونصحنها مرات ومرات لكنها الرغبة الملحة بالزواج زادت سُلّم التنازلات .. لا في مواصفات العريس بل في حشمتها وزينتها، رغم كثرة الخاطبين .
لا تكاد تصدق عندما تراها أنها الحاجة سعاد ، تلك المرأة الوقورة المحتشمة أم العيال ، صاحبة الهمّة العالية والرأي السديد.. أصبحت امرأة ثانية .. في الأسواق ليل نهارتلهث وراء كل جديد من موضة وأزياء وماكياج وعطور ، تسهر خارج بيتها لساعات متأخرة من الليل في حفلات العشاء التي تنظمها الشركة التي تعمل بها ، تكلم هذا وتضحك مع ذاك .. وكل هذا بحثاً عن فارس الأحلام ..
وهكذا تدرج معها الشيطان ، وسار معها خطوة بخطوة، لا يكلّ ولا يملّ ، وأنساها ما فيه خيرها وصلاحها ، فكثير ممن تقدم خاطباً كان مناسباً، لكنها المواصفات العالية التي طلبتها جعلت الأمر عسيرا.
لقد دخل الشيطان لها من الباب الذي أحببته .. أرادت العريس اللقطة .. ذا المواصفات العالية ، فوعدها ومنّاها .. أنك ولا بد بالغةً مُناكِ .. فقط اهتمي بزينتك وعطرك وملابسك وتعرفي على الرجال ... فأوصلها لما لا تحمد عقباه.
مثلما دخل على البوين آدم وحواء، فأحس منهما إيناساً وركوناً الى الخلد في تلك الدار في النعيم المقيم ، فدخل عليهما من هذا الباب وقاسمهما بالله أنه لهما لمن الناصحين .. وكان ما كان .
فالحذر الحذر من هذا العدو الخبيث الماكر الحريص على إضلال بني آدم بوسائله الكثيرة التعددة ، وليس للانسان من سلاح أنجع من الالتجاء الى الله والاحتماء بجنابه سبحانه ، وكثرة ذكره مع الاستعاذة به من الشيطان .
فهو أب لسبعة من الأبناء والبنات ، كلهم في المدارس إلا كبراهم في سنتها الجامعية الثانية.
كان يُشفق على زوجته أكثر من نفسه ، اضضطرت للاستقالة من وظيفتها المرموقة لترافقه الساعات الطوال في المستشفى. وعندها الأولاد وتدريسهم وعليها إعداد الطعام وشراء الحاجيات، فهم في بلد الغربة منذ بداية زواجهم ولا أحد لهم بعد الله إلا القليل من الأصدقاء.
كانا يتحاوران بلغة العيون ، فالأجهزة المعلقة على جسده النحيل أكثر من أن تعد .. تسمعه بقلبها يدعو لها ويسمع كلماتها التي تبث الأمل الجميل الذي يداعب شغاف قلبه قبل أذنيه.
أول ما اكتشف المرض ... ذهبا لأداء فريضة الحج ودعت الله بأن يثبت قلبها في مصابها ويعينها على مشوار حياتها ، ويوفقها لحسن تأديب أولادها ، وأن يهوّن عليه وعليها لحظات مرضه .. خاصة الأخيرة ... والتي سيكون بعدها الفراق.. لك الله أيها القلب الذي سيَكلم بفقد الحبيب .. لكم الله يا عيالي الذين سيقهر أبيكم الموت ، فتصبحوا من بعده أيتاماً .. لنا جميعاً الله مثبتاً ومعيناً على البلاء .
وكانت اللحظة المرتقبة .. شرب زوجها من كأس الموت الذي سيشرب منه كل انسان .. أرادت دفنه هنا حيث أسلم الروح ، فكرامة الميت سرعة دفنه ، لكنها اضطرت تحت إصرار عائلته الى نقل جثمانه الى بلده ( وإلا أكل الناس وجههم) كما يزعمون .. وإن كانت مصاريف النقل والدفن الباهظة ستنفق من أموال الأيتام .
ليت الأمر توقف عند هذا .. بل أوصوها بألا تنسى علبة السجائر المستوردة .. والبن البرازيلي الفاخر ليقدما في سرادق العزاء .. فابننا في الغربة منذ سنين وماذا سيقول الناس ؟! ابننا رخيص ؟؟
تركت أولادها السبعة وسافرت ، يرافقها جثمان الغالي ليتم الدفن كما أرادوا .. وبدأت طقوس ومراسيم العزاء .. أقيم سرادق ضخم سدّ شارعهم من أوله الى آخره .. وتم إحضار طاقم ضيافة من فندق خمسة نجوم لصب القهوة الفاخرة وتقديم علب الجائر الستوردة .. فالمرحوم غالي .. والغالي ثمنه غالي .. وكله من مال الأيتام .
جلست وحولها النساء ، يتأملن أركان المنزل الفاخرة وأطقم الكنب الأنيقة ، ونجفات السقف الكريستالية والستائر المخملية .. وبدلاً من كلمات العزاء ، جلسن يندبن حظها ، ويُسَخّطنها على ربها.. لماذا أنت يا حاجة سعاد ؟ أنت تصلين وتصومين وأكثرنا صدقة، حتى أنك أنت الوحيدة من العائلة مَن أدت فريضة الحج ؟؟
لماذا أنت ؟ والأولاد ؟ والمصاريف ؟ والمدارس ؟ والمسؤوليات ؟؟
وكلام يملأ القلب يأساً من رَوح الله وشكاً في أقداره وحكمته سبحانه .
على جناح السرعة عادت لبيتها واولادها تلملم شعث قلبها النازف .. فالطريق أمامها طويل ... لم تضطر للبحث عن عمل .. فشهادتها الرفيعة وكفاءتها العالية أوصلت عقود العمل المغرية ليديها دون أدنى جهد. وأعادت ترتيب أوراقها .. وبدأت ساقية الحياة تدور من جديد.
وبعد انقضاء عدّتها بدأت تفكر بالزواج ، لكنه ليس أي زواج ، مطلوب عريس وسيم، ذو شخصية مميزة، غني صاحب مركز مرموق والأهم أن يكون في مثل عمرها .. لمَ لا . وهي صاحبة الجمال والدلال والمال ؟ رغم كثرة العيال .
وكثر الخطاب من حولها .. هذا قاضٍ أرمل لم يرزقه الله بأبناء .. يريد أن يصبح أباً للأيتام، وهذا رجل أعمال يكبرها بعشر سنوات ، وهذا صاحب محلات تجارية لكن تنقصه الوسامة، وهذا وذاك ... ولا أحد رغم كثرتهم تنطبق عليه المواصفات .
بدأت بوضع مساحيق الزينة لتبرز جمالها الفتان ! إنه العريس !! ثم بدأت برش العطور الفواحة .. . تعَجّب الجميع ... فهي المعروفة بحشمتها ووقارها .. لكنه العريس .. ثم تخلّت عن العباءة ولبست الضيق من الثيات، وبدأت خطوات التراجع في التزامها تقلق مَن حولها من أخواتها اللواتي أحببنها في الله ولله . ونصحنها مرات ومرات لكنها الرغبة الملحة بالزواج زادت سُلّم التنازلات .. لا في مواصفات العريس بل في حشمتها وزينتها، رغم كثرة الخاطبين .
لا تكاد تصدق عندما تراها أنها الحاجة سعاد ، تلك المرأة الوقورة المحتشمة أم العيال ، صاحبة الهمّة العالية والرأي السديد.. أصبحت امرأة ثانية .. في الأسواق ليل نهارتلهث وراء كل جديد من موضة وأزياء وماكياج وعطور ، تسهر خارج بيتها لساعات متأخرة من الليل في حفلات العشاء التي تنظمها الشركة التي تعمل بها ، تكلم هذا وتضحك مع ذاك .. وكل هذا بحثاً عن فارس الأحلام ..
وهكذا تدرج معها الشيطان ، وسار معها خطوة بخطوة، لا يكلّ ولا يملّ ، وأنساها ما فيه خيرها وصلاحها ، فكثير ممن تقدم خاطباً كان مناسباً، لكنها المواصفات العالية التي طلبتها جعلت الأمر عسيرا.
لقد دخل الشيطان لها من الباب الذي أحببته .. أرادت العريس اللقطة .. ذا المواصفات العالية ، فوعدها ومنّاها .. أنك ولا بد بالغةً مُناكِ .. فقط اهتمي بزينتك وعطرك وملابسك وتعرفي على الرجال ... فأوصلها لما لا تحمد عقباه.
مثلما دخل على البوين آدم وحواء، فأحس منهما إيناساً وركوناً الى الخلد في تلك الدار في النعيم المقيم ، فدخل عليهما من هذا الباب وقاسمهما بالله أنه لهما لمن الناصحين .. وكان ما كان .
فالحذر الحذر من هذا العدو الخبيث الماكر الحريص على إضلال بني آدم بوسائله الكثيرة التعددة ، وليس للانسان من سلاح أنجع من الالتجاء الى الله والاحتماء بجنابه سبحانه ، وكثرة ذكره مع الاستعاذة به من الشيطان .
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم