{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} البقرة 83
إنها قاعدة تكرر ذكرها في القرآن في
أكثر من موضع إما صراحة أو ضمنا ً:
قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: من الآية53].
وقريب من ذلك في قوله سبحانه: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت/46].
وقال ايضا أمراً عاماً {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}..
إذاً فنحن أمام أوامر محكمة، ولا يستثنى منها شيء إلا في حال مجادلة أهل الكتاب
ابتداء عند البدء في تدبر الآية علينا معرفة السياق الذي جاءت فيه
يقول تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ }
نجد انها جاءت في سياق أمر بني إسرائيل بجملة من الأوامر ، التي هي الأصول الواجبة في الدين وما أمر الله به كل الشرائع : توحيد العبادة لله ، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
والأمر في القرآن يقتضي الوجوب ما لم يوجد دليل يصرفه الى الاستحباب
إذن فالقول الحسن هنا أمر واجب ...
المُخاطب = أنا
الآمر = الله
الأمر = قولوا
والانسان مخير في أي أمر بين ... العدل أو الفضل
مثال ذلك في قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ)
فالاقتصاص هو العدل وهو حق للمُعتدى عليه
لكن انظروا الى قوله تعالى في سورة آل عمران (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
فإن هذا هو الفضل وهو درجات تختلف بحسب ما قام في القلب من الاعتقاد
فالسلوك = اعتقاد + فعل
الاقتصاص = اعتقادي بحقي بذلك + الرد عليه بمثل فعلبه ... ذلك ادنى درجات الايمان
كظم الغيظ = التصديق بأجر كاظم الغيظ القادر على الاقتصاص + حبس نفسه عن القيام بأي ردة فعل انتقامية من المُسيء لكن مع بقاء شعور الغيظ في القلب ... ذلك من الفضل لكنه هناك درجة ايمان اعلى وهي ...
العفو = الايمان (وليس مجرد المعرفة) بمنزلة العافي والاجر المترتب على فعله + مسامحة المسيء دون ان يترك اثر للغل في قلبه
وأعلى درجات الايمان ان يُحسن الى من أساء اليه
وهذه المنازل الثلاثة من الفضل
اما بالنسبة للقول الحسن فهو العدل وما جاء في الاية الثانية يقولون التي هي أحسن ) فالأحسن ... هي الفضل
قال أهل العلم:
(والقول الحسن يشمل:
الحسن في هيئته: أن يكون باللطف، واللين، وعدم الغلظة، والشدة ،يقع ذلك ضمن تعبيرات الوجه ونبرة الصوت ... الخ، (ما يسمى بلغة الجسد )
والحسن في معناه: بأن يكون خيراً؛ لأن كل قولٍ حسنٍ فهو خير؛ وكل قول خير فهو حسن) ... يعني الكلمات المستعملة في القول
متى نحتاج لهذه القاعدة؟؟
نحتاجها عند التعامل مع كل أصناف البشر،...
المسلم وفيهم الكافر، الصالح والطالح، الصغير والكبير، بل ونحتاجها للتعامل مع أخص الناس بنا: الوالدان، والزوج والزوجة والأولاد، بل ونحتاجها للتعامل بها مع من تحت أيدينا من الخدم ومن في
ها هو القرآن يذكر لنا تطبيقات عملية لهذه القاعدة، فمثلاً:
1 ـ مع الولدين : وهم أولى الناس بتطبيق هذه القاعدة
تأمل قول الله تعالى ـ عن الوالدين ـ: {وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [الإسراء: من الآية23] إنه أمرٌ بعدم النهر، وهو متضمن للأمر بضده، وهو الأمر بالقول الكريم، الذي لا تعنيف فيه، ولا تقريع ولا توبيخ.
2 ـ عند مخاطبة السائل المحتاج: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى:10] بل بعض العلماء يرى عمومها في كل سائل: سواء كان سائلاً للمال أو للعلم، قال بعض العلماء: "أي: فلا تزجره ولكن تفضل عليه بشيء أورده بقول جميل"
3 ـ ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة القرآنية، ما أثنى الله به على عباد الرحمن، بقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان: من الآية63]: يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ
الجاهلون .. يعني الجاهلون بالله
سلاماً .. أي نسلم منكم وتسلموا منا
وهذا انما يدل على وجوب اتقاء الشبهات حتى لا يقع فيك الآخرون بسوء ظن او غيبة
فما أكثر ما يقابل الانسان من السفهاء والمواقف التي قد تستفز الانسان ، ونحن كمسلمون مأمورين بمحاطبة هؤلاء بالحسنى
ومن المؤسف أن يرى الإنسان كثرة الخرق والتجاوز لهذه القاعدة في واقع أمة القرآن، وذلك في أحوال كثيرة منها:
1 ـ أنك ترى من يدعون إلى النصرانية يحرصون على تطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الناس إلى دينهم المنسوخ بالإسلام، أفليس أهلُ الإسلام أحق بتطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الخلق إلى هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله لعباده.
2 ـ في التعامل مع الوالدين، فالبعض قد يسلط الكلام السيء لوالديه .
3 ـ في تعامل الزوج مع زوجه، فكثيرا ما تنشأ الخلافات بينهم بسبب كلمة فظة.
4 ـ مع الأولاد.
5 ـ مع العمالة والخدم... فكون الانسان يتعامل بالحزم في عمله لا يعني الا يقول حسنا.
.
وقد نبهت آية الإسراء إلى خطورة ترك تطبيق هذه القاعدة، فقال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء: من الآية53]!
وعلى من ابتلي بسماع ما يكره أن يحاول أن يحتمل أذى من سمع، ويعفو ويصفح، وأن يقول خيراً، وأن يقابل السفه بالحلم، والقولَ البذيء بالحسن، وإلا فإن السفه والرد بالقول الردئ يحسنه كل أحد.
أكثر من موضع إما صراحة أو ضمنا ً:
قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: من الآية53].
وقريب من ذلك في قوله سبحانه: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت/46].
وقال ايضا أمراً عاماً {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}..
إذاً فنحن أمام أوامر محكمة، ولا يستثنى منها شيء إلا في حال مجادلة أهل الكتاب
ابتداء عند البدء في تدبر الآية علينا معرفة السياق الذي جاءت فيه
يقول تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ }
نجد انها جاءت في سياق أمر بني إسرائيل بجملة من الأوامر ، التي هي الأصول الواجبة في الدين وما أمر الله به كل الشرائع : توحيد العبادة لله ، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
والأمر في القرآن يقتضي الوجوب ما لم يوجد دليل يصرفه الى الاستحباب
إذن فالقول الحسن هنا أمر واجب ...
المُخاطب = أنا
الآمر = الله
الأمر = قولوا
والانسان مخير في أي أمر بين ... العدل أو الفضل
مثال ذلك في قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ)
فالاقتصاص هو العدل وهو حق للمُعتدى عليه
لكن انظروا الى قوله تعالى في سورة آل عمران (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
فإن هذا هو الفضل وهو درجات تختلف بحسب ما قام في القلب من الاعتقاد
فالسلوك = اعتقاد + فعل
الاقتصاص = اعتقادي بحقي بذلك + الرد عليه بمثل فعلبه ... ذلك ادنى درجات الايمان
كظم الغيظ = التصديق بأجر كاظم الغيظ القادر على الاقتصاص + حبس نفسه عن القيام بأي ردة فعل انتقامية من المُسيء لكن مع بقاء شعور الغيظ في القلب ... ذلك من الفضل لكنه هناك درجة ايمان اعلى وهي ...
العفو = الايمان (وليس مجرد المعرفة) بمنزلة العافي والاجر المترتب على فعله + مسامحة المسيء دون ان يترك اثر للغل في قلبه
وأعلى درجات الايمان ان يُحسن الى من أساء اليه
وهذه المنازل الثلاثة من الفضل
اما بالنسبة للقول الحسن فهو العدل وما جاء في الاية الثانية يقولون التي هي أحسن ) فالأحسن ... هي الفضل
قال أهل العلم:
(والقول الحسن يشمل:
الحسن في هيئته: أن يكون باللطف، واللين، وعدم الغلظة، والشدة ،يقع ذلك ضمن تعبيرات الوجه ونبرة الصوت ... الخ، (ما يسمى بلغة الجسد )
والحسن في معناه: بأن يكون خيراً؛ لأن كل قولٍ حسنٍ فهو خير؛ وكل قول خير فهو حسن) ... يعني الكلمات المستعملة في القول
متى نحتاج لهذه القاعدة؟؟
نحتاجها عند التعامل مع كل أصناف البشر،...
المسلم وفيهم الكافر، الصالح والطالح، الصغير والكبير، بل ونحتاجها للتعامل مع أخص الناس بنا: الوالدان، والزوج والزوجة والأولاد، بل ونحتاجها للتعامل بها مع من تحت أيدينا من الخدم ومن في
ها هو القرآن يذكر لنا تطبيقات عملية لهذه القاعدة، فمثلاً:
1 ـ مع الولدين : وهم أولى الناس بتطبيق هذه القاعدة
تأمل قول الله تعالى ـ عن الوالدين ـ: {وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [الإسراء: من الآية23] إنه أمرٌ بعدم النهر، وهو متضمن للأمر بضده، وهو الأمر بالقول الكريم، الذي لا تعنيف فيه، ولا تقريع ولا توبيخ.
2 ـ عند مخاطبة السائل المحتاج: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى:10] بل بعض العلماء يرى عمومها في كل سائل: سواء كان سائلاً للمال أو للعلم، قال بعض العلماء: "أي: فلا تزجره ولكن تفضل عليه بشيء أورده بقول جميل"
3 ـ ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة القرآنية، ما أثنى الله به على عباد الرحمن، بقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان: من الآية63]: يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ
الجاهلون .. يعني الجاهلون بالله
سلاماً .. أي نسلم منكم وتسلموا منا
وهذا انما يدل على وجوب اتقاء الشبهات حتى لا يقع فيك الآخرون بسوء ظن او غيبة
فما أكثر ما يقابل الانسان من السفهاء والمواقف التي قد تستفز الانسان ، ونحن كمسلمون مأمورين بمحاطبة هؤلاء بالحسنى
ومن المؤسف أن يرى الإنسان كثرة الخرق والتجاوز لهذه القاعدة في واقع أمة القرآن، وذلك في أحوال كثيرة منها:
1 ـ أنك ترى من يدعون إلى النصرانية يحرصون على تطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الناس إلى دينهم المنسوخ بالإسلام، أفليس أهلُ الإسلام أحق بتطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الخلق إلى هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله لعباده.
2 ـ في التعامل مع الوالدين، فالبعض قد يسلط الكلام السيء لوالديه .
3 ـ في تعامل الزوج مع زوجه، فكثيرا ما تنشأ الخلافات بينهم بسبب كلمة فظة.
4 ـ مع الأولاد.
5 ـ مع العمالة والخدم... فكون الانسان يتعامل بالحزم في عمله لا يعني الا يقول حسنا.
.
وقد نبهت آية الإسراء إلى خطورة ترك تطبيق هذه القاعدة، فقال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء: من الآية53]!
وعلى من ابتلي بسماع ما يكره أن يحاول أن يحتمل أذى من سمع، ويعفو ويصفح، وأن يقول خيراً، وأن يقابل السفه بالحلم، والقولَ البذيء بالحسن، وإلا فإن السفه والرد بالقول الردئ يحسنه كل أحد.
عدل سابقا من قبل Rose في الجمعة 2 مارس 2012 - 19:08 عدل 1 مرات
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم