علاج الصرع
تحدثنا في ما مضى أن الشيطان قد يصيب الإنسان ، وهو ما نسميه الصرع أو مس الجن ، وسنحاول أن نبين أسباب الصرع وعلاجه :
أسباب الصرع :
بيّن ابن تيمية : " أن الصرع للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق ، كما يتفق للإنس مع الإنس ... ، وقد يكون – وهو الأكثر – عن بغض ومجازاة ، مثل أن يؤذيهم بعض الإنس ، أو يظنوا أنهم يتعمدون أذاهم إما ببول على بعضهم ، وإمّا بصب ماء حار ، وإما بقتل بعضهم ، وإن كان الإنس لا يعرف ذلك ، وفي الجن جهل وظلم ، فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه ، وقد يكون عن عبث منهم وشرّ بمثل سفهاء الإنس " . واجبنا تجاه هؤلاء : ذكرنا أن الجن عباد مأمورون متعبدون بالشريعة ، فإذا استطاع المسلم أن يصل إلى مخاطبتهم ، كما يحدث مع الجني الذي يصرع الإنسان ، وجب القيام بذلك .
فإذا كان صرع الجني للإنسي من الباب الأول ( عن شهوة وهوى ) ، فهو من الفواحش التي حرمها الله تعلى على الإنس والجن ، ولو كانت برضا الطرف الآخر ، فكيف مع كراهته ، فإنّه فاحشة وظلم . فيخاطب الجن بذلك ، ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة ، أو فاحشة وعدوان ؛ لتقوم الحجة عليهم بذلك ، ويعلموا أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى جميع الثقلين : الإنس والجن .
وما كان من الثاني ( إيذاء بعض الإنس لهم ) ، فإن كان الإنسي لم يَعْلَمْ ، فيخاطبون بأن هذا لم يعلم ، ومن لم يتعمد الأذى لا يستحق العقوبة ، وإن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأنها ملكه ، فله أن يتصرف فيها بما يجوز ، وأنتم ليس لكم أن تمكثوا في ملك الإنس بغير إذنهم ، بل لكم ما ليس من مساكن الإنس كالخراب والفلوات ...
ويقول ابن تيمية : " والمقصود أن الجن إذا اعتدوا على الإنس ، أخبروا بحكم الله ورسوله ، وأقيمت عليهم الحجة ، وأمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، كما يفعل بالإنس ؛ لأن الله يقول : ( وما كنَّا معذبين حتَّى نبعث رسولاً ) [ الإسراء : 15 ] ، وقال : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصُّون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا ) [ الأنعام : 130 ] ؟
النهي عن قتل حيَّات البيوت :
يقول ابن تيمية : " ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حيّات البيوت حتى تؤذن ثلاثاً " ، وقد سبق ذكر النصوص المبينة لذلك ، وقد ساق ابن تيمية تلك النصوص ، ثمّ بين السبب الذي من أجله نهى عن قتل جنان البيوت فقال : " وذلك أن قتل الجن بغير حق لا يجوز ، كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق ، والظلم محرم في كل حال ، فلا يحلّ لأحد أن يظلم أحداً ، ولو كان كافراً ، بل قال تعالى : ( ولا يجر منَّكم شَنَآنُ قومٍ على ألاَّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتَّقوى ) [ المائدة : 8 ] .
فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنّاً فتؤذن ثلاثاً ، فإن ذهبت وإلا قتلت ، فإنها إن كانت حية قتلت ، وإن كانت جنية ، فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حيّة تفزعهم بذلك ، والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلاً ، وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك ، فلا يجوز " .
سب الجان وضربهم :
وذكر ابن تيمية أن واجب المؤمن نصرة أخيه المظلوم ، وهذا المصروع مظلوم ، ولكن النصرة يكون بالعدل كما أمر الله ، فإذا لم يرتدع الجني بالأمر والنهي والبيان ، فإنّه يجوز نهره وسبه وتهديده ولعنه ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الشيطان عندما جاء بشهاب ليرميه في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام : ( أعوذ بالله منك ، ألعنك بلعنة الله ثلاثاً ) .
وذكر أنه قد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجني عنه إلى الضرب ، فيضرب ضرباً كثيراً جدّاً ، والضرب إنما يقع على الجني ، ولا يحسه المصروع ، حتى يفيق المصروع ، ويخبره أنه لم يحس شيئاً من ذلك ، ولا يؤثر في بدنه ، ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة أو أربعمائة ضربة أو أكثر أو أقل ، بحيث لو كان على الإنسي لقتله ، وإنما هو على الجني ، والجني يصيح ويصرخ ، ويحدث الحاضرين بأمور متعددة ، ويذكر ابن تيمية أنه فعل هذا وجربه مرات كثيرة ، يطول وصفها . أقول : وقد يستغل الضرب فيمن يظن أن فيه صرع وهو ليس كذلك ، فيكون فيه هلاك المضروب ، ولذلك ينبغي تجنبِه .
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم