y Fedaa Hussien in The pearls · Edit Doc · Delete
تابع-الحكمة من خلق ابليس
15- وبخلقه يظهر الله لعباده حلمه وصبره :
ومنها أنه – سبحانه – يحب أن يظهر لعباده حلمه وصبره ، وأناته ، وسعة رحمته ، وجوده ، فاقتضى ذلك خلق من يشرك به ، ويضاده في حكمه ، ويجتهد في مخالفته ، ويسعى في مساخطه ، بل يشبهه سبحانه وتعالى ، وهو مع ذلك يسوق إليه أنواع الطيبات ، ويرزقه ، ويعافيه ، ويمكن له من أسباب ما يلتذ به من أصناف النعم ، ويجيب دعاءَه ، ويكشف عنه السوء ، ويعامله من بره وإحسانه بضد ما يعامله هو به من كفره وشركه وإساءَته ، فلله كم في ذلك من حكمة وحمد .
ويتحبب إلى أوليائه ويتعرف بأنواع كمالاته ، كما في الصحيح عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله ، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم ) .
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى : كذبني ابن آدم ، ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته ، وأمّا شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً ، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفواً أحد ) .
وهو سبحانه مع هذا الشتم له ، والتكذيب له ، يرزق الشاتم المكذب ، ويعافيه ، ويدفع عنه ، ويدعوه إلى جنته ، ويقبل توبته إذا تاب إليه ، ويبدله بسيئاته حسنات ، ويلطف به في جميع أحواله ، ويؤهله لإرسال رسله ، ويأمرهم أن يلينوا له القول ، ويرفقوا به .
وفي أثر إلهي : ( إني والإنس والجن في نبأ عظيم : أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ) . وفي أثر حسن : ( ابن آدم ما أنصفتني : خيري إليك نازل ، وشرّك إلي صاعد ، كم أتحبب إليك بالنعم ، وأنا غني عنك ، وكم تتبغض إلي بالمعاصي ، وأنت فقير إلي ، ولا يزال المَلَكُ الكريم يَعْرُج إلي منك بعمل قبيح ) . وفي الحديث الصحيح : ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون ، فيغفر لهم ) .
16- خلق الله خلقه بحيث يظهر فيهم أحكام أسمائه وصفاته وآثارها :
فالله سبحانه لكمال محبته لأسمائه وصفاته اقتضى حمده ، وحكمته أن يخلق خلقاً يظهر فيهم أحكامها وآثارها ، فلمحبته للعفو خلق من يحسن العفو عنه ، ولمحبته للمغفرة خلق من يغفر له ، ويحلم عنه ، ويصبر عليه ، ولا يعاجله ، بل يكون يحب أمانه وإمهاله .
ولمحبته لعدله وحكمته خلق من يظهر فيهم عدله وحكمته ، ولمحبته للجود والإحسان والبر خلق من يعامله بالإساءَة والعصيان ، وهو سبحانه يعامله بالمغفرة والإحسان ، فلولا خلقه من يجري على أيديهم أنواع المعاصي والمخالفات ، لفاتت هذه الحكم والمصالح وأضعافها وأضعاف أضعافها ، فتبارك الله رب العالمين ، وأحكم الحاكمين ، ذو الحكمة البالغة ، والنعم السابغة ، الذي وصلت حكمته إلى حيث وصلت قدرته ، وله في كل شيء حكمة باهرة ، كما أن له فيه قدرة قاهرة وهدايات .
17- ما حصل بسبب وجود الشيطان من محبوبات للرحمن :
فكم حصل بسبب هذا المخلوق البغيض للرب ، المسخوط له من محبوب له تبارك وتعالى ، يتصل في حبه ما حصل به من مكروه ، والحكيم الباهر الحكمة هو الذي يحصل أحب الأمرين إليه باحتمال المكروه الذي يبغضه ويسخطه ، إذا كان طريقاً إلى حصول ذلك المحبوب .
ووجود الملزوم بدون لازمه محال . فإن يكن قد حصل بعدو الله إبليس من الشرور والمعاصي ما حصل ، فكم حصل بسبب وجوده ، ووجود جنوده من طاعة هي أحب إلى الله وأرضى له من جهاد في سبيله ، ومخالفة هوى النفس وشهوتها له ، ويحتمل المشاق والمكاره في محبته ومرضاته ، وأحبّ شيء للحبيب أن يرى محبّه يتحمل لأجله من الأذى والوصب ما يصدق محبته .
فالله ما أحب إليه احتمال محبيه أذى أعدائه لهم فيه ، وفي مرضاته ، وما أنفع ذلك الأذى لهم ، وما أحمدهم لعاقبته ، وماذا ينالون به من كرامة حبيبهم وقربه قرة عيونهم به ، ولكن حرام على منكري محبة الرب تعالى أن يشموا لذلك رائحة ، أو يدخلوا من هذا الباب ، أو يذوقوا من هذا الشراب .
فما يحسن التخصيص في كل موضع فإن أغضب هذا المخلوق ربه ، فقد أرضاه فيه أنبياؤه ورسله وأولياؤه ، وذلك الرضا أعظم من ذلك الغضب ، وإن أسخطه ما يجري على يديه من المعاصي والمخالفات ، فإنّه سبحانه أشدّ فرحاً بتوبة عبده من الفاقد لراحلته ، التي عليها طعامه وشرابه ، إذا وجدها في المفاوز المهلكات ، وإن أغضبه ما جرى على أنبيائه ورسله من هذا العدو اللعين ، فقد سرّه وأرضاه ما جرى على أيديهم من حربه ومعصيته ومراغمته وكبته وغيظه ، وهذا الرضا أعظم عنده وأبرّ لديه من فوات ذلك المكروه المستلزم لفوات هذا المرضي المحبوب .
وإن أسخطه أكل آدم من الشجرة ، فقد أرضاه توبته وإنابته ، وخضوعه وتذلله بين يديه وانكساره له . وإن أغضبه إخراج أعدائه لرسوله صلى الله عليه وسلم من حرمه وبلدته ذلك الخروج ، فقد أرضاه أعظم الرضا دخوله إليها ذلك الدخول . وإن أسخطه قتلهم أولياءه وأحبابه ، وتمزيق لحومهم ، وإراقة دمائهم ، فقد أرضاه نيلهم الحياة التي لا أطيب منها ، ولا أنعم ، ولا ألذّ في قربه وجواره .
وإن أسخطه معاصي عباده ، فقد أرضاه شهود ملائكته وأنبيائه ورسله وأوليائه سعة مغفرته وعفوه وبرّه وكرمه وجوده والثناء عليه بذلك ، وحمده وتمجيده بهذه الأوصاف التي حمده بها والثناء عليه بها ، أحب إليه ، وأرضى له من فوات تلك المعاصي ، وفوات هذه المحبوبات .
واعلم أن الحمد هو الأصل الجامع لذلك كله ، فهو عقد نظام الخلق والأمر ، والرب تعالى له الحمد كلّه بجميع وجوهه واعتباراته وتصاريفه ، فما خلق شيئاً ، ولا حكم بشيء إلا وله فيه الحمد ، فوصل حمده إلى حيث وصل خلقه وأمره ، حمداً حقيقياً يتضمن محبته والرضا به وعنه ، والثناء عليه ، والإقرار بحكمته البالغة في كل ما خلقه وأمر به ، فتعطيل حكمته غير تعطيل حمده ... فكما أنه لا يكون إلا حميداً فلا يكون إلا حكيماً ، فحمده وحكمته كعلمه وقدرته ، وحياته من لوازم ذاته ، ولا يجوز تعطيل شيء من صفاته وأسمائه ومقتضياتها وآثارها ، فإن ذلك يستلزم النقص الذي يناقض كماله وكبرياءه وعظمته .
تابع-الحكمة من خلق ابليس
15- وبخلقه يظهر الله لعباده حلمه وصبره :
ومنها أنه – سبحانه – يحب أن يظهر لعباده حلمه وصبره ، وأناته ، وسعة رحمته ، وجوده ، فاقتضى ذلك خلق من يشرك به ، ويضاده في حكمه ، ويجتهد في مخالفته ، ويسعى في مساخطه ، بل يشبهه سبحانه وتعالى ، وهو مع ذلك يسوق إليه أنواع الطيبات ، ويرزقه ، ويعافيه ، ويمكن له من أسباب ما يلتذ به من أصناف النعم ، ويجيب دعاءَه ، ويكشف عنه السوء ، ويعامله من بره وإحسانه بضد ما يعامله هو به من كفره وشركه وإساءَته ، فلله كم في ذلك من حكمة وحمد .
ويتحبب إلى أوليائه ويتعرف بأنواع كمالاته ، كما في الصحيح عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله ، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم ) .
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى : كذبني ابن آدم ، ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته ، وأمّا شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً ، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفواً أحد ) .
وهو سبحانه مع هذا الشتم له ، والتكذيب له ، يرزق الشاتم المكذب ، ويعافيه ، ويدفع عنه ، ويدعوه إلى جنته ، ويقبل توبته إذا تاب إليه ، ويبدله بسيئاته حسنات ، ويلطف به في جميع أحواله ، ويؤهله لإرسال رسله ، ويأمرهم أن يلينوا له القول ، ويرفقوا به .
وفي أثر إلهي : ( إني والإنس والجن في نبأ عظيم : أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ) . وفي أثر حسن : ( ابن آدم ما أنصفتني : خيري إليك نازل ، وشرّك إلي صاعد ، كم أتحبب إليك بالنعم ، وأنا غني عنك ، وكم تتبغض إلي بالمعاصي ، وأنت فقير إلي ، ولا يزال المَلَكُ الكريم يَعْرُج إلي منك بعمل قبيح ) . وفي الحديث الصحيح : ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون ، فيغفر لهم ) .
16- خلق الله خلقه بحيث يظهر فيهم أحكام أسمائه وصفاته وآثارها :
فالله سبحانه لكمال محبته لأسمائه وصفاته اقتضى حمده ، وحكمته أن يخلق خلقاً يظهر فيهم أحكامها وآثارها ، فلمحبته للعفو خلق من يحسن العفو عنه ، ولمحبته للمغفرة خلق من يغفر له ، ويحلم عنه ، ويصبر عليه ، ولا يعاجله ، بل يكون يحب أمانه وإمهاله .
ولمحبته لعدله وحكمته خلق من يظهر فيهم عدله وحكمته ، ولمحبته للجود والإحسان والبر خلق من يعامله بالإساءَة والعصيان ، وهو سبحانه يعامله بالمغفرة والإحسان ، فلولا خلقه من يجري على أيديهم أنواع المعاصي والمخالفات ، لفاتت هذه الحكم والمصالح وأضعافها وأضعاف أضعافها ، فتبارك الله رب العالمين ، وأحكم الحاكمين ، ذو الحكمة البالغة ، والنعم السابغة ، الذي وصلت حكمته إلى حيث وصلت قدرته ، وله في كل شيء حكمة باهرة ، كما أن له فيه قدرة قاهرة وهدايات .
17- ما حصل بسبب وجود الشيطان من محبوبات للرحمن :
فكم حصل بسبب هذا المخلوق البغيض للرب ، المسخوط له من محبوب له تبارك وتعالى ، يتصل في حبه ما حصل به من مكروه ، والحكيم الباهر الحكمة هو الذي يحصل أحب الأمرين إليه باحتمال المكروه الذي يبغضه ويسخطه ، إذا كان طريقاً إلى حصول ذلك المحبوب .
ووجود الملزوم بدون لازمه محال . فإن يكن قد حصل بعدو الله إبليس من الشرور والمعاصي ما حصل ، فكم حصل بسبب وجوده ، ووجود جنوده من طاعة هي أحب إلى الله وأرضى له من جهاد في سبيله ، ومخالفة هوى النفس وشهوتها له ، ويحتمل المشاق والمكاره في محبته ومرضاته ، وأحبّ شيء للحبيب أن يرى محبّه يتحمل لأجله من الأذى والوصب ما يصدق محبته .
فالله ما أحب إليه احتمال محبيه أذى أعدائه لهم فيه ، وفي مرضاته ، وما أنفع ذلك الأذى لهم ، وما أحمدهم لعاقبته ، وماذا ينالون به من كرامة حبيبهم وقربه قرة عيونهم به ، ولكن حرام على منكري محبة الرب تعالى أن يشموا لذلك رائحة ، أو يدخلوا من هذا الباب ، أو يذوقوا من هذا الشراب .
فما يحسن التخصيص في كل موضع فإن أغضب هذا المخلوق ربه ، فقد أرضاه فيه أنبياؤه ورسله وأولياؤه ، وذلك الرضا أعظم من ذلك الغضب ، وإن أسخطه ما يجري على يديه من المعاصي والمخالفات ، فإنّه سبحانه أشدّ فرحاً بتوبة عبده من الفاقد لراحلته ، التي عليها طعامه وشرابه ، إذا وجدها في المفاوز المهلكات ، وإن أغضبه ما جرى على أنبيائه ورسله من هذا العدو اللعين ، فقد سرّه وأرضاه ما جرى على أيديهم من حربه ومعصيته ومراغمته وكبته وغيظه ، وهذا الرضا أعظم عنده وأبرّ لديه من فوات ذلك المكروه المستلزم لفوات هذا المرضي المحبوب .
وإن أسخطه أكل آدم من الشجرة ، فقد أرضاه توبته وإنابته ، وخضوعه وتذلله بين يديه وانكساره له . وإن أغضبه إخراج أعدائه لرسوله صلى الله عليه وسلم من حرمه وبلدته ذلك الخروج ، فقد أرضاه أعظم الرضا دخوله إليها ذلك الدخول . وإن أسخطه قتلهم أولياءه وأحبابه ، وتمزيق لحومهم ، وإراقة دمائهم ، فقد أرضاه نيلهم الحياة التي لا أطيب منها ، ولا أنعم ، ولا ألذّ في قربه وجواره .
وإن أسخطه معاصي عباده ، فقد أرضاه شهود ملائكته وأنبيائه ورسله وأوليائه سعة مغفرته وعفوه وبرّه وكرمه وجوده والثناء عليه بذلك ، وحمده وتمجيده بهذه الأوصاف التي حمده بها والثناء عليه بها ، أحب إليه ، وأرضى له من فوات تلك المعاصي ، وفوات هذه المحبوبات .
واعلم أن الحمد هو الأصل الجامع لذلك كله ، فهو عقد نظام الخلق والأمر ، والرب تعالى له الحمد كلّه بجميع وجوهه واعتباراته وتصاريفه ، فما خلق شيئاً ، ولا حكم بشيء إلا وله فيه الحمد ، فوصل حمده إلى حيث وصل خلقه وأمره ، حمداً حقيقياً يتضمن محبته والرضا به وعنه ، والثناء عليه ، والإقرار بحكمته البالغة في كل ما خلقه وأمر به ، فتعطيل حكمته غير تعطيل حمده ... فكما أنه لا يكون إلا حميداً فلا يكون إلا حكيماً ، فحمده وحكمته كعلمه وقدرته ، وحياته من لوازم ذاته ، ولا يجوز تعطيل شيء من صفاته وأسمائه ومقتضياتها وآثارها ، فإن ذلك يستلزم النقص الذي يناقض كماله وكبرياءه وعظمته .
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم