وهو كظيم
بقلم : منى دولة (أم مجاهد)ـ
اليوم يوم عرس .... عروسنا اليوم دانة .... مزدانة بفستان زفافها الأنيق المحلى بخيوط فضية ... يزيدها جمالاً تاجاً يحلي شعرها المنسدل على كتفيها ... تجلس على الكوشه بإبتسامتها الخلابة .
تنظر أمل إلى ابنتها دانة .. تتمتم إنه يوم عرس ... يوم عرسك يادانه ...
وشريط من الذكريات يدور فى أعماق أمل تتذكر يوم كانت في طريقها إلى العيادة النسائية يوم موعدها مع الطبيبة لمعرفة جنس الجنين كان الرعب يملؤها .... ياإلهي ماذا لو كانت أنثى ؟!
يارب سترك !! أهل زوجي لا ينادوني إلا أم البنات ...أشهدك ياربي كم أنا سعيدة ببناتي ... لكنهم يأبون إلا إدخال الحزن على قلبي لأني أم البنات ... يزعمون أن الذكر هو فقط سند أبيه ... وهو فقط من يحمل اسمه بعد عمر طويل .....
أتذكر فرحتى الغامرة عندما أخبرتني الطبيبة أنه ذكر ....قلت في نفسي الآن سأرفع رأسي ... أخيراَ سأجلب لهم وريث العرش وإن كنت موقنة أنني لست جالبة لشئ ..... فالوهاب هو الله ولا عاطى سواه .... لكن هذا مادار بداخلى ..من شدة ضغط أهل زوجي ...
قررت السفر لبلدهم لتكون الولادة بينهم ... فأتمتع بالدلال والرعاية اللذان حرمتهما طالما أنجبت البنات ....
وفعلا جهزت احتياجاتي ووريث العرش وغادرنا ، والعائلة كلها أقصد عائلة زوجي تستعد بلغوا الجميع وعلقت الزينة الخاصة بالمولود الذكر ورغم سعادتي بطفلي .... إلا خوفاً انتابني من هذه المعتقدات الجاهلية التي لا تمت للإسلام بصلة ... ماذا لو حدث للجنين شيئ .... ماذا لو فقدته بعد طول انتظارهم ... وماذا ؟.. وماذا ...؟؟؟
بدات الآم المخاض وشدة الأوجاع ... وفرحة كل من في البيت فى إزدياد سيصل اليوم فيصل ... سند أبيه ... وحامل إسم العائلة ...
وكانت المفاجأة ... كانت المولودة أنثي .... ماذا ؟ وإنهار الجميع وأولهم أنا ... أنثى ؟! كيف ؟ أكدت لي الطبيبة أن الجنين ذكر ...
ياإلهي كم كانت ردة فعلي غربية .... أعطوني الصغيرة بعد أن ألبسوها الأزرق من الثياب ، فهذا ما جهزتة بنفسي ... وضعتها فى مهاد الأطفال ... ووضغت المهاد تحت سريري ... لا أريد أن أراها ... أو أسمع صوت بكائها ...
تبكي وأبكي معها .... بل أنتحب .... لا لست من أردت .... أردته فيصل ... ليس لأجلي .. بل لأجل أهل زوجي ... دموع ونحيب وبكاء البنت الخامسة .... ماذا سأفعل يارب ...
منعت أى أحد من الاقتراب مني او من الطفلة القابعة فى مهادها تحت السرير ....
جاءتني فاطمة .... أغلى أخت لي فى الله ... دخلت غرفتى بلطف .... مدت يدها تحت السرير ... وأخرجت الطفلة التى كاد الموت يقتلها من شدة البكاء والجوع ... هدهدتها وأسكنتها ... وناولتني إياها ... إنها ابنتك ياأمل ... أسميتها لك دانه ... أليس أسم جميل ... إنها درة غالية أهداها لك الله وحرم غيرك من حتى أظفرها ...
وناولتني الصغيرة ...أمسكتها وأنا أنتحب أرضعيها ياأمل ... دعك من كلام الناس ... وكلام أهل زوجك ... أذكري الله ... وكلمة بكلمة ... وجدت دانة بين ذراعي ... أحضنها وأقبلها وأقبل يديها وقدميها .... وأقبل كل مكان من جسدها الضعيف النحيل ... معتذرة لها عن وضعها تحت سرير.
انهرت دموعي ... وأنا أراها الآن عروس فى ليلة زفافها فلا دانة حب عميق ومعزة خاصة لازمتني منذ وضعتها تحت السرير ... معزة لازمتني منذ ذلك الحين ... لعلها إحساس بالتكفير عن ذنبي ... أو لعله لأنها آخر العنقود وصغرى البنات .
لم أعد أهتم إلا ببيتى وبناتي ... مالي من كلام الناس وخاصة أهل زوجي ... وبصراحة لم يعد يجرؤ أحد من عائلتهم أن ينبس أمامي ولو بنبت شفة او حرف واحد عن كوني أم البنات ... فقد أخافت قوة ردة فعلي الجميع على صحتي ومولودتي....
كبرت دانة ... حباها الله بعقل راجح ويحب شديد للعلم والتعليم ... حفظت القرآن كاملاً وهي فى الخامسة عشرة من عمرها ، وكانت تعدني دائما بشفاعة حافظ القرآن ..
وتخرجت من كلية الطب واختارت طب النساء ليكون مجال تخصصها ... كانت تقول لي نيتين فى إختياري لهذا التخصص ... أولاً أن أستر عورات المسلمات وثانياً لأذكر كل من تلد أنثى بنعمة الله عليها فلا تضطر أمها لوضعها تحت السرير .
أنا بنفسي من أخبرها بما حدث يوم ميلادها .... أخبرتها معتذرة ...ففي قلبي ألم وكلم شديدين كلما تذكرت تلك اللحظة .. والغريب فى الأمر ... أن عريس دانه اسمة فيصل ...إنه ولدي الذي لم ألده ... عندي الآن أربعة أبناء وهذا إبنى الخامس بفضل الله ... أبر ما يكون الأولاد بالآباء والأمهات .
ومن الغريب أن الإهتمام بإنجاب المولود الذكر يرجع إلى العهود القديمة ..
ففي التلمود إشارة إلى أن وضع سرير الزوجية في اتجاه الشمال- الجنوب يريد من إحتمالات ولادة مولود ذكر ، وفي مصر القديمة وفي آخر مخطوطات ورق البردى التي يرجع تاريخها إلى سنة 2200 قبل الميلاد ، هناك إشارة إلى أن الفراعنة كانوا يعتقدون أن وجه المرآة إذا مال إلى الفاتح أثناء فترة الحمل كان ذلك دلالة على أنها تحمل مولوداً أنثى . ومن نظريات التى تداولها القدماء أيضا أن ربط الخصية اليسرى يؤدي إلى ولادة الذكور ، وكانت هذه الخرافة شائعة في القرن الثامن عشر ولجأ إليها العديد من النبلاء الفرنسيين لولادة وريث ذكر . كما كان من الشائع أيضا أن مغادرة بعد العلاقة الزوجية بالرجل اليمنى أولا يؤدي إلى ولادة مولود ذكر
وقبل حوالى 700 عام تقريباً وفي إحدي المقابر الملكية بالقرب من مدينة بكين عثر مجموعة من العلماء الصينين على وثيقة مهمة تضم خلاصة المعتقدات الصينية حول مسألة تحديد جنس الجنين . وهذه الوثيقة محفوظة اليوم فى معهد العلوم فى بكين . ويعتقد أن المعلومات الواردة فيها قد تمت البرهنة عليها وإثبات نجاحها %99 .
وبما أن هذة الطريقة لا تتطلب إى مجهود حقيقي ولا زيارات إلى المختبرات أو تعاطي أدوية وعقاقير ، فلعل من المناسب ذكرها . تقوم الوثيقة على محورين أساسيين هما عمر الزوجة والشهر الذي يقع فية الحمل . على سبيل المثال إذا كان عمر الزوجة 27 عاماً ووقع الحمل فى شهر كانون الثاني ( حسب التقويم الصيني القمرى ) فإن المولود سيكون أنثي ويشار إليها بالحرف 0
ولكن إذ كان عمر الزوجة 19 عاماً ووقع الحمل في نفس الشهر أى شهر كانون الثاني أيضا فإن المولود سيكون ذكرا ( ويشار إليه بالحرف
وهكذا يمضي الجدول فى تحديد جنس المولود حسب الشهور والأعمار إبتداءاً من عمر 18 عاماً إلى 45 عاماً للزوجة . ويفسر الصينيون ذلك بأن لكل من الحيوانات المنوية الذكرية والأنثوية شهوراً معينة للنشاط والأسبقية في غزو بويضية المرأة ولكن ليست هنالك إثباتات علمية لهذا الرأى . ويبقي أن إتباع هذا الجدول ليس فيه من ضرر على الزوج أو الزوجة إذا رغبا فى ذلك
كلها خرافات ونظرايات العلم الحديث وقد وصل إلى التحكم فى جنس المولود عن طريق الجينات الوراثية ، وتخيل معي ، قائد الجيش أمر بإنجاب الذكور للحصول على جيش جرار قوي فالنساء لا تصلح للقتال ، والفلاحون طلبوا الذكور ليكونوا عوناً لهم فى زراعة الأرض ليزيد الإنتاج ويكثر الحصول ويعم الخير الكثير ، ما خير أحدهم إلا إختار ذكراً لأن الذكر سند لأبييه وهم البنات إلى الممات " كما يقولون "
نصف قرن من الزمان ،دخلت الدنيا إلا من الذكور كبر أفراد الجيش وهرموا ولم يعد أحدهم يقوى على القتال ، وكبر الفلاحون وشابوا ولم يعد أحدهم يقدر على فلاحة الأرض ، وامتلأت الدنيا بالذكور وخلت من الإنات
حرم الرجل السكن الذي لا يتحقق إلا بالجنس الآخر ، وفقدت الدنيا الحب والحنان والعطف ولم يعد هناك مواليد ولا أطفال
إختل ميزان الدنيا ، ونصف قرن آخر وبوفاة الموجودين خلت الدنيا تماماً حتى من هؤلاء الرجال
يقول عز وجل " لِلّهِ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذّكُورَ * أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ
فالذرية مظهر من مظاهر المنح والمنع والعطاء والحرمان ، وهي قريبة من نفس الإنسان ، والنفس شديدة الحساسية بها ، فلمسها من هذا الجانب أقوي وأعمق فالذرية هي رزق من عند الله كالمال
الله سبحانه هو أعلم بالخير ويعطي كل إنسان بقدر ، وما أدراك أنت أيها الإنسان أين الخير قي الذكر أم فى الأنثي ؟!
يجب أن تتعلم فى الرضى بقضاء الله وقدره وأن نشكره سبحانه على نعمه
لن نرفع شعارات الجاهلية التى يبغضها سبحانه " وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ(58)يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ
فالبنت نعمة وهبة من الله سبحانه ، فليجتهد الإنسان بتربيتها وحسن رعايتها ، وسيكون زوجها غداً هو إبن جديد للأسرة ، ولنسأله سبحانه قرة العين .
فعن أمنا عائشة رضى الله عنها أن إمراة جاءتها ومعها ابنتان لها تسألها فلم تجد عندها شيئاً غير ثمرة واحدة ، فأعطتها إياها فأخذتها المرآة فشقتها بإثنتين بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئاً ثم قامت فخرجت هي وابنتاها فدخل رسول الله صلى الله علية وسلم فحدثتة حديثها فقال فداه أبي وأمي " من ابتلي من البنات بشئ فأحسن إليهن كن له ستراً من النار "
ويزيد النبي صلى الله علية وسلم فى بيان الأجر والثواب لمن يربي البنات ويحسن إليهن فيقول :- من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين ، وأشار بإصبيعية السبابة والتى تليها " فأي أجر وثواب أكبر من هذا ....
" رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم