لو أقسم على الله لأبرّه
أم يوسف امرأة فاضلة .. رزقها الله بنت واحدة وثلاثة من الأبناء .. كرست حياتها لزوجها وأولادها ، تهتم بهم وترعاهم وتضمها بين رموش أجفانها ... تحبهم كأكثر ما تحب الأمهات أولادهم .
وأبو يوسف رجل عصامي ... صعد سلم حياته درجة درجة .. وقفت بجانبه صابرة على الحلوة والمرة ، معينة له بعد الله على أقدار الحياة خيرها وشرها .
ورثت أم يوسف عن والدها قطعة أرض كبيرة ، فباعت نصفها وقامت وزوجها ببناء النصف الثاني .. وكان المخطط ببناء بيت يضم شقق ولو صغيرة ، ينتفع الأبناء بسكنها عندما يبلغوا سن الزواج .
فلذات أكبادهم أؤلائك ذوي الأعمار المتقاربة .. كان مصاريفهم الجامعية تسبب ضغطاً وعبئاً ثقيلاً عليهما فهي باهظاً بالنسبة لأسرتهم .. .. فباعت كل مصوغاتها لينالوا جميعا أوفر حظ من التعليم العالي .
أما حنان – أبنتها الوحيدة – تزوجت بعد انتهائها من المرحلة الثانوية ، ورغم انتقالها لبيت زوجها إلا أنها كانت اسم على مسمى ، تحنو على والديها .. تهاتفهما يومياً .. وتزورهما كل جمعة ، تتزود من دفء حضن أمها وتغنم الدعوات الصادقة التي تفتح لها أبواب الجنة برضاهما عليها.
كيف لا ؟! وقد قال المصطفى – صلى الله عليه وسلم – : ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح اليهما محتسباً إلا فتح الله له بابين – يعني من الجنة – وإن كان واحد فواحد وإن أغضب أحدهما لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه ، قيل : وإن ظلماه ؟ قال : وإن ظلماه.
تخرج يوسف من كلية الهندسة ، ورغم حصوله على وظيفة مرموقة إلا أنها لا تكفي لدفع تكاليف الزواج من مهر وشبكة وحفلة عرس ، فما كان من أم يوسف إلا التكفل بجميع المصاريف، فكانت له عوناً بعد الله لإتمام الزفاف .. فمن لها أغلى من أولادها !! وما قيمة المال إذا لم يفرح قلب مالكه بما يرضي الله عنهم .
وبعده خالد تخرج من كلية الطيران ، ففعلت كما فعلت لأخيه ، حتى عبد الله الذي تخرج من كلية الصيدلة ، كانت له كما كانت لأخويه ، وكان تيسير الله بوجود الشقق المعدة لهم منذ زمن ليس بالبعيد لقلب .
أعانتهم جميعا الواحد تلو الآخر لتراهم رجالاً محترمين يتحملون مسؤوليات بيوتهم وزوجاتهم .. نافعين للاسلام والمسلمين.
يا لقلب الأم يرى ويسمع قبل أن تبصر العين أو تسمع الأذن ، يا لقلب الأم يسعف ويرفع قبل أن تمتد اليدان .. يا لقلب الأم ظِلّ في الهَجير ودِفء في القر.. هذا القلب الذي يتسع فلا يضيق .. هذا القلب الذي تنعشه الابتسامة وتدفئه الكلمة الطيبة .. قلب أبدعه الله ليعطي عطاء لا نظير له.
مرت سنوات ومرض أبو يوسف ، وجرت عليهم جميعاً أقدار الله ، وترك أم يوسف أرملة بعد مفارقته للحياة .
وما أن انتهت فترة العزاء إلا وكانت المفاجأة التي قسمت ظهر أم يوسف .. وأحزنت قلبها حتى أكثر من حزنها لفراق الغالي .
جاءها الثلاثة يوسف وخالد وعبد الله مطالبون ببيع البيت ، فقد قرروا بيع بيت أمهم ليأخذ كل منهم نصيبه ويشتري بيتاً بمفرده ، فالشقق لا تكفيهم ، وأصبحوا ذوو عيال وأسر كبيرة .. الى هنا ويبدو الامر معقولاً .. لكن لو باعوا البيت أين سيكون مصيرها ؟ هذا البيت الذي بنته وأبو يوسف حجراً حجراً بعد أن باعت كل ما تملك، ولم تفكر في نفسها فقط ، بل اقتطمت المساحات تلو المساحات لتبني شققهم المعدة لهم بعد التخرج .
جلست أم يوسف تجتر آلامها وأحزانها .. ولا تدري ماذا ستفعل وأين ستذهب ، قالوا لها: خذي نصيبك وتصرفي . لقد سألنا دار الافتاء وأخبرونا أن هذا حقكم الشرعي .. ولا يمكنك أن تقفي أمام رغبتنا في بيع البيت ..
دارت الدنيا بأم يوسف ، ومارت الأرض من تحت قدميها ... من ؟ اولادي؟ فلذات أكبادي؟ يريدون بيع بيتي وتركي أتصرف !!! على الأقل يكملوا لي المبلغ لأشتري بيت جديد !
كي ساتصرف وقد بعت كل مصاغي .. وأنفقت كل ما لدي عليهم بسخاء وبطيب خاطر لأراهم أسعد الناس.
لجأت الى الله ولازمت بابه الذي لا يغلق دون سائل ابداً .. فليس لها باب سواه .
تكثر ذكره سبحانه وتكثر من الاستغفار وتدعو ليل نهار بأن يفرج الله هذه الغمّة التي ألمّتت بها .. وممن؟! من مهجة قلبها .
أيُعقل يا رب أن يكونوا هؤلاء أبنائي حقاً ؟ ويتركوني في هذا العمر ويقولون .. تصرفي ؟ نعم .. ممكن أن أبيع البيت ليأخذوا حصصهم وإن كان يعز علي فراقه .. ففي أركانه أسمع أصوات ضحكاتهم وأرى أطيافهم صغاراً يلعبون ويعبثون في كل مكان .. لكن عليهم ان يفكروا معي ، ويعينوني لشراء منزل مناسب أقضي فيه باقي أيام عمري ، بل قل آخر ثواني عمري .. الذي شارف على الانقضاء.
نعم يا رب .. راضية عن حياتي .. قهذه أقدارك وأنا موقنة بأنه ابتلاء .. وليس لي من دون الله كاشفة .
وما عُرض البيت للبيع إلا والمشتري على الباب – كما يقولون – واشترى بالسعر المعروض دون أي فصال .
لكن الغريب في الموضوع ان المشتري اشترط بقاء أم يوسف في بيتها مكرومة محشومة مستورة، تنعم بفضل الله عليها حتى آخر لحظة من عمرها ز
تعجب الجميع ! كيف يشتري شخص بيتاً ويعطي شقة بأكملها لمالكته الحقيقية ؟! وكيف سيستفيد من البيت وفيه شقة يسكنها غريب !
لكنهم باعوا .. والمشتري اشترى وانتهى الأمر .. أتعرفون من المشتري ؟ إنها حنان .. أرسلت من يشتريه دون علم اخوانها لتحفظ أمها في شيخوختها ، وتحفظ لها كرامتها قبل ذلك لتنال رضى الله الذي يرضى – سبحانه – برضى الوالدين على أولادهم .
وسرعان ما مضت الأيام .. أسرع من لمح البصر، وتزوج أولاد حنان وسكنوا الشقق في بيت جدتهم ، يحنون عليها، ويقبلون رأسها ويديها صباح مساء ، ويلتزمون بكل طلباتها ويقضون جميع حوائجها .
لم يضيع الله أم يوسف .. عوضها بأولاد لم يلدهم رحمها ، وهل جزاء الاحسان إلا الاحسان.
أما حنان فنذكرها بقصة أويس بن عامر القرني .. الذي قال عنه المصطفى – صلى الله عليه وسلم- : لو أقسم على الله لأبره.. وما ذلك إلا لأن له أم هو بها بارّ .. فقد أرادت حنان نيل رضى أمها وأبيها حتى وهو في قبره
وأبو يوسف رجل عصامي ... صعد سلم حياته درجة درجة .. وقفت بجانبه صابرة على الحلوة والمرة ، معينة له بعد الله على أقدار الحياة خيرها وشرها .
ورثت أم يوسف عن والدها قطعة أرض كبيرة ، فباعت نصفها وقامت وزوجها ببناء النصف الثاني .. وكان المخطط ببناء بيت يضم شقق ولو صغيرة ، ينتفع الأبناء بسكنها عندما يبلغوا سن الزواج .
فلذات أكبادهم أؤلائك ذوي الأعمار المتقاربة .. كان مصاريفهم الجامعية تسبب ضغطاً وعبئاً ثقيلاً عليهما فهي باهظاً بالنسبة لأسرتهم .. .. فباعت كل مصوغاتها لينالوا جميعا أوفر حظ من التعليم العالي .
أما حنان – أبنتها الوحيدة – تزوجت بعد انتهائها من المرحلة الثانوية ، ورغم انتقالها لبيت زوجها إلا أنها كانت اسم على مسمى ، تحنو على والديها .. تهاتفهما يومياً .. وتزورهما كل جمعة ، تتزود من دفء حضن أمها وتغنم الدعوات الصادقة التي تفتح لها أبواب الجنة برضاهما عليها.
كيف لا ؟! وقد قال المصطفى – صلى الله عليه وسلم – : ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح اليهما محتسباً إلا فتح الله له بابين – يعني من الجنة – وإن كان واحد فواحد وإن أغضب أحدهما لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه ، قيل : وإن ظلماه ؟ قال : وإن ظلماه.
تخرج يوسف من كلية الهندسة ، ورغم حصوله على وظيفة مرموقة إلا أنها لا تكفي لدفع تكاليف الزواج من مهر وشبكة وحفلة عرس ، فما كان من أم يوسف إلا التكفل بجميع المصاريف، فكانت له عوناً بعد الله لإتمام الزفاف .. فمن لها أغلى من أولادها !! وما قيمة المال إذا لم يفرح قلب مالكه بما يرضي الله عنهم .
وبعده خالد تخرج من كلية الطيران ، ففعلت كما فعلت لأخيه ، حتى عبد الله الذي تخرج من كلية الصيدلة ، كانت له كما كانت لأخويه ، وكان تيسير الله بوجود الشقق المعدة لهم منذ زمن ليس بالبعيد لقلب .
أعانتهم جميعا الواحد تلو الآخر لتراهم رجالاً محترمين يتحملون مسؤوليات بيوتهم وزوجاتهم .. نافعين للاسلام والمسلمين.
يا لقلب الأم يرى ويسمع قبل أن تبصر العين أو تسمع الأذن ، يا لقلب الأم يسعف ويرفع قبل أن تمتد اليدان .. يا لقلب الأم ظِلّ في الهَجير ودِفء في القر.. هذا القلب الذي يتسع فلا يضيق .. هذا القلب الذي تنعشه الابتسامة وتدفئه الكلمة الطيبة .. قلب أبدعه الله ليعطي عطاء لا نظير له.
مرت سنوات ومرض أبو يوسف ، وجرت عليهم جميعاً أقدار الله ، وترك أم يوسف أرملة بعد مفارقته للحياة .
وما أن انتهت فترة العزاء إلا وكانت المفاجأة التي قسمت ظهر أم يوسف .. وأحزنت قلبها حتى أكثر من حزنها لفراق الغالي .
جاءها الثلاثة يوسف وخالد وعبد الله مطالبون ببيع البيت ، فقد قرروا بيع بيت أمهم ليأخذ كل منهم نصيبه ويشتري بيتاً بمفرده ، فالشقق لا تكفيهم ، وأصبحوا ذوو عيال وأسر كبيرة .. الى هنا ويبدو الامر معقولاً .. لكن لو باعوا البيت أين سيكون مصيرها ؟ هذا البيت الذي بنته وأبو يوسف حجراً حجراً بعد أن باعت كل ما تملك، ولم تفكر في نفسها فقط ، بل اقتطمت المساحات تلو المساحات لتبني شققهم المعدة لهم بعد التخرج .
جلست أم يوسف تجتر آلامها وأحزانها .. ولا تدري ماذا ستفعل وأين ستذهب ، قالوا لها: خذي نصيبك وتصرفي . لقد سألنا دار الافتاء وأخبرونا أن هذا حقكم الشرعي .. ولا يمكنك أن تقفي أمام رغبتنا في بيع البيت ..
دارت الدنيا بأم يوسف ، ومارت الأرض من تحت قدميها ... من ؟ اولادي؟ فلذات أكبادي؟ يريدون بيع بيتي وتركي أتصرف !!! على الأقل يكملوا لي المبلغ لأشتري بيت جديد !
كي ساتصرف وقد بعت كل مصاغي .. وأنفقت كل ما لدي عليهم بسخاء وبطيب خاطر لأراهم أسعد الناس.
لجأت الى الله ولازمت بابه الذي لا يغلق دون سائل ابداً .. فليس لها باب سواه .
تكثر ذكره سبحانه وتكثر من الاستغفار وتدعو ليل نهار بأن يفرج الله هذه الغمّة التي ألمّتت بها .. وممن؟! من مهجة قلبها .
أيُعقل يا رب أن يكونوا هؤلاء أبنائي حقاً ؟ ويتركوني في هذا العمر ويقولون .. تصرفي ؟ نعم .. ممكن أن أبيع البيت ليأخذوا حصصهم وإن كان يعز علي فراقه .. ففي أركانه أسمع أصوات ضحكاتهم وأرى أطيافهم صغاراً يلعبون ويعبثون في كل مكان .. لكن عليهم ان يفكروا معي ، ويعينوني لشراء منزل مناسب أقضي فيه باقي أيام عمري ، بل قل آخر ثواني عمري .. الذي شارف على الانقضاء.
نعم يا رب .. راضية عن حياتي .. قهذه أقدارك وأنا موقنة بأنه ابتلاء .. وليس لي من دون الله كاشفة .
وما عُرض البيت للبيع إلا والمشتري على الباب – كما يقولون – واشترى بالسعر المعروض دون أي فصال .
لكن الغريب في الموضوع ان المشتري اشترط بقاء أم يوسف في بيتها مكرومة محشومة مستورة، تنعم بفضل الله عليها حتى آخر لحظة من عمرها ز
تعجب الجميع ! كيف يشتري شخص بيتاً ويعطي شقة بأكملها لمالكته الحقيقية ؟! وكيف سيستفيد من البيت وفيه شقة يسكنها غريب !
لكنهم باعوا .. والمشتري اشترى وانتهى الأمر .. أتعرفون من المشتري ؟ إنها حنان .. أرسلت من يشتريه دون علم اخوانها لتحفظ أمها في شيخوختها ، وتحفظ لها كرامتها قبل ذلك لتنال رضى الله الذي يرضى – سبحانه – برضى الوالدين على أولادهم .
وسرعان ما مضت الأيام .. أسرع من لمح البصر، وتزوج أولاد حنان وسكنوا الشقق في بيت جدتهم ، يحنون عليها، ويقبلون رأسها ويديها صباح مساء ، ويلتزمون بكل طلباتها ويقضون جميع حوائجها .
لم يضيع الله أم يوسف .. عوضها بأولاد لم يلدهم رحمها ، وهل جزاء الاحسان إلا الاحسان.
أما حنان فنذكرها بقصة أويس بن عامر القرني .. الذي قال عنه المصطفى – صلى الله عليه وسلم- : لو أقسم على الله لأبره.. وما ذلك إلا لأن له أم هو بها بارّ .. فقد أرادت حنان نيل رضى أمها وأبيها حتى وهو في قبره
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم