ما معنى الاحتساب ؟
يجيبك ابن الأثير قائلاً:
"الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها".
فاحتسب أعمالك اليومية كفعل الطاعات... والصبر على المكروهات... والحركات والسكنات...
ليحسب ذلك من عملك الصالح...
إن الاحتساب عمل قلبي، لا محل له في اللسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن النية محلها القلب... وأنت عندما تحتسب الأجر من الله ذلك يعني أنك تطلبه منه تعالى، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (آل عمران:29).
والعمل لابد فيه من النية... فالذي يحتسب وينوي بعمله وجه الله فهو لله، والذي ينوي بعمله الدنيا فهو للدنيا فالأمر خطير جداً.. جداً. و"النيات تختلف اختلافاً عظيماً وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء والأرض، من النساء من نيته في القمة في أعلى شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء. فإن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك، وإن نويت الدنيا فقد تحصل وقد لا تحصل.
قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (الإسراء:18).
ما قال عجلنا له ما يريد!! بل قال ما نشاء ـ أي لا ما يشاء هو ـ لمن نريد ـ لا لكل إنسان ـ فقيد المعجِّل والمعجَّل له.
إذا من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنه من يعطى شيئا منه ومنهم من لا يعطى شيئا أبدا. وهذا معنى قوله تعالى: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} .
أما قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً}
(الإسراء:19).
لابد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة". وهذا يعني أن نحرص على الاحتساب.
ولا تنس كذلك أجر احتساب النية الصالحة الذي لا يضيعه الله أبدا حتى وإن لم تتمكن من أداء العمل الصالح الذي تنوي القيام به!!
" إن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له الأجر، أجر ما نوى. أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي: لما كان قادرا كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما".
فمثلا إذا كان من عادته أن يصلي تطوعا ولكنه منعه مانع،ولم يتمكن منه فإنه يكتب له أجر كاملا.
أما إذا كان ليس من عادته أن يفعل فإنه يكتب له أجر النية فقط دون أجر العمل.
ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيمن أتاه الله مالا فجعل ينفقه في سبيل الخير وكان رجل فقير يقول لو أن لي مال فلان لعملت فيه عمل فلان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فهو بنيته فهما في الأجر ســواء".
أي سواء في أجر النية أما العمل فإنه لا يُكتب له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله".
إن تعويدك نفسك على احتساب الأعمال خير على خير... فمن فضل الله ورحمته بعباده أنه ]من كان من نيته عمل الخير، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، ولا يمكنه الجمع بين الأمرين: فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره وفضل الله تعالى عظيم.
لماذا من المهم أن نحتسب الأجر في كل شيء؟
حتى نحقق الغاية التي خلقت من أجلها، لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفت بها وتحاسب عليها... لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه، والنجاة من غضبه وعذابه، وأن يحرص، على أن تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله تعالى سواء في ذلك الأمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم التروك فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة...".
إن حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع فتكون ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56) .
1) الاحتساب مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك... "ولابد أيضا أن يميز العادة عن العبادة، فمثلا الاغتسال يقع نظافة أو تبردا، ويقع عن الحدث الأكبر، وعن غسل الميت، وللجمعة ونحوها، فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية".
2) أنت بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية قبولا وردا وثوابا وعقابا، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
الآن... ألا يبدو لك الأمر مهما وخطيرا؟... إذن. هيا لنحتسب كلنا...
لماذا الحديث عن الاحتساب ؟
قد تزهد في العمل الصالح أحياناً...!
بمعنى أنك لا تجد حماسة له، ولربما كان السبب في ذلك أنك لا تعلم أهمية هذا العمل ولا الثواب المترتب عليه، أو أنك تجهل أن بعض الأعمال البسيطة قد تبلغ بك المنازل العالية فتستهين بها...!
وفي الغالب يُفسر ذلك كله بعدم وجود الاحتساب في حياتك...
فلربما لا تدرين ما هو الاحتساب؟ ولا ماذا نحتسب ؟.
وقد نشعر عندما نقوم ببعض الأعمال الصالحة بوجود من ينكر عليك ويقول لك: لا تتعب نفسك... يكفي ما قمت به سابقاً... لماذا كل هذا المجهود؟ الأمر لا يستدعي ذلك... لا تحرم نفسك فأنت ما زلت شابا... إلخ.
سبحان الله! وهل العمل إلا في الشباب؟.
لو علم هؤلاء أنهم هم المحرمون، وأنت من يقول لهم: كفى... كفى أريحوا أنفسكم من اللهو والعبث... ولا تتعبوها بالغفلة... وارحموها من حمل أثقال المعاصي المتراكمة...
أما إن كان ما تقوم به من أعمال صالحة فيه منفعة للآخرين كقضاء حاجات المسلمين من أقارب وأخوات في الله والتودد إليهم، فستسمع من ضعافالإيمان عبارات من نوع:
إنهم لا يستحقون ما تفعله لأجلهم... في كل مرة تساعدهم وهم لم يساعدوك مرة واحدة... هل سبق أن قدمت لك فلانة هدية حتى تهديها تلك الهدية القيمة؟... إلخ.
وكأننا خلقنا لنعمل من أجل الناس!
فإن أرضونا تفانينا في الإحسان لهم، وأن أغضبونا تفانينا في الإساءة إليهم!...
إذا ماذا بقي للآخرة؟...
ما الذي ستجده في صحيفتك إذا كانت أعمالك كلها منصرفة للبشر حسب علاقتك الشخصية بهم وليست لله وحده!...
إن الأيام لتذهب سريعاً فلا تفاجأ بخلو صحيفتك من الأعمال التي تبتغي بها وجه الله...
أشعرت بأن هناك من يزهد جدا في العمل الصالح، بل ربما يعتبر بعض الأعمال الصالحة ضعفا ومهانة ! كالعفو والحلم مثلا... !
لأجل ذلك كله كان الحديث عن احتساب الأجر أمرا نحتاج إليه...
ما الأمور التي تدفعك للحرص على احتساب الأجر في أعمالك كلها؟
1) سرعة مرور الوقت وهذا يعاني منه الجميع فاستغلّ الدقائق قبل الساعات وقد قيل: (أمسك الذي مضى عن قربه، يعجز أهل الأرض عن رده).
2) موت الفجأة {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الجمعة:
3) تغير الأحوال من صحة إلى مرض... ومن غنى إلى فقر... ومن أمن إلى خوف... ومن فراغ إلى شغل... ومن شباب إلى شيخوخة... ومن حياة إلى موت... !
4) لأنك محتاج إلى أعمال كثيرة تثقلين بها ميزانك، فالإنسان سرعان ما يفسد أعماله الصالحة بلسانه من كذب وغيبة ونميمة وسخرية... وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم، فقد تأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فتجد لسانك قد هدمها عليك... فلا تكون ممن لهم النصيب الأكبر من ويلات اللسان... فما أحوجنا إلى حسنة واحدة يثقل بها الميزان...
5) استشعر التقصير والتفريط في جنب الله {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر:56).
6) الخوف من الله.. {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الأنعام:51).
إن الخوف من الله دافع قوي للعمل الصالح عموما.
7) الرغبة في حصول الأجر والثواب... قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (العنكبوت:58).
أن فرصة العيش في الحياة الدنيا واحدة لا تتكرر لتعويض ما فات... {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الزمر:58). ومع أنها فرصة واحدة إلا أنها تنقضي بسرعة أيضا... !، فعندما تجلس عند جدك وتقول له: احكِ لي قصة حياتك خلال الستين سنة الماضية فسيكيها لك في ساعة أو ساعتين!... أين ذهبت تلك السنون الطوال؟!...
لا شك أن الحديث عنها سينتهي في يومين على أكثر تقدير...! قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ...} (يونس:45). "أي اذكر يوم نحشرهم {كأن لم يلبثوا} في الدنيا {إلا ساعةً من نهار} أي شيئا قليلا منه، استقلوا المدة الطويلة إما لأنهم ضيعوا أعمارهم في الدنيا فجعلوا وجودها كالعدم، وإما استقصروها للدهش والحيرة، وإما لطول وقوفهم في المحشر، وإما لشدة ما هم فيه من العذاب نسوا لذات الدنيا وكأنها لم تكن.
وجملة {يَتَعَارَفُونَ بَينَهُم} أي يعرف بعضهم بعضا، وذلك عند خروجهم من القبور، ثم تنقطع التعارف بينهم لما بين أيديهم من الأمور المدهشة للعقول المذهلة للأفهام، وقيل إن هذا التعارف هو تعارف التوبيخ والتقريع، يقول بعضهم لبعض: أنت أضللتني وأغويتني لا تعارف شفقة ورأفة...".
ما فوائد الاحتساب؟
هل تعلم أنك عندما تحاول احتساب الأجر في جميع أعمالك، قد حصلت لك فوائد عظيمة لا تتوفر عند من لا يهتم بالاحتساب! إن لم تمانع فسأسردها عليك...
فوائد الاحتساب:
1. "دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام.
2. الفوز بالجنة والنجاة من النار.
3. حصول السعادة في الدارين.
4. الاحتساب في الطاعات يجعلها خالصة لوجه الله تعالى وليس لها جزاء إلا الجنة.
5. الاحتساب في المكاره يضاعف أجر الصبر عليها.
6. الاحتساب يبعد صاحبه عن شبهة الرياء ويزيد في ثقته بربه.
7. الاحتساب في المكاره يدفع الحزن ويجلب السرور ويحول ما يظنه الإنسان نقمة إلى نعمة.
8. الاحتساب في الطاعات يجعل صاحبه قرير العين مسرور الفؤاد بما يدخره عند ربه فيتضاعف رصيده الإيماني وتقوى روحه المعنوية.
9. الاحتساب دليل الرضا بقضاء الله وقدره ودليل على حسن الظن بالله تعالى.
10.علامة على صلاح العبد واستقامته.
11.إتباع للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم".
12.أراك دائما تحرص أن تكون محبوباً من الناس.. وهذا شيء طيب ولكن.. ليكن طموحك أعلى.. فحب أهل الأرض وحده لا يكفي!.. كما أنه غاية صعبة المنال إلا إذا أحبك أهل السماء!!..
تقول : كيف؟..
أقول لك: عليك بالاحتساب فهو عمل صالح.. والمداومة عليه تجعل حياتك كلها طاعات.. والطاعة طريق موصل إلى محبة الله..
وإذا أحبك الله، أحبك أهل السماء ووضع لك القبول في الأرض.. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه، قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض".
13.بالاحتساب تؤدي شكر النعم.. لأن الاحتساب طاعة.. ومن شكر النعم العمل بالطاعات.. والله يجازيك على شكرك للنعم بأن يزيدك من الطاعات.. فيعينك عليها وييسرها لك.. ويحببها إلى قلبك فتجد الأنس والمتعة في عملها.. فيسهل عليك أمر الاحتساب وغيره... فقد "قال: الحسين ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} قال: أي من طاعتي".
14.إن الذي يحتسب الأجر من الله في أعماله لا يتأذى ولا يتأثر من عدم شكر الناس لجهوده الطيبة معهم وعدم تقديرهم لما يقوم به من أجلهم، لأنه لا يرجو من الناس جزاء ولا شكورا إنما يبتغي بذلك وجه الله فهو هادئ البال مطمئن النفس حتى وإن قوبل إحسانه بالإساءة فما دام أن مبتغاه قد تحقق فلا يضيره ما وراء ذلك لأن لا مطلب له فيه أصلا.
15.الاحتساب في التروك ـ ترك المعاصي والمحرمات ـ طاعة تثبت قلبك وتقوي عزيمتك لأن ترك المعصية ـ مع قدرتك عليها ـ لوجه الله يجعلك تتلذذ وتسعد بتركها لأنك ترجو أجر امتثالك لأمر الله ووقوفك عند حدوده تبتغي بذلك ثواب التقوى والخوف من الله {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (الرحمن:46). "والذي خاف ربه وقيامه عليه فترك ما نهى عنه، وفعل ما أمر به، له جنتان من ذهب، آنيتهما وحليتهما وبنيانهما وما فيهما، إحدى الجنتين جزاء على ترك المنهيات والأخرى على فعل الطاعات".
16.إن المحيط الصغير الذي تعيش فيه سيكتسب منك هذا الخلق الحسن ـ الاحتساب ـ لأنهم سيشعرون به ويعايشونه واقع حيا أمامهم مما يجعل له أثرا عميقا في أنفسهم، وأقصد هنا أهلك وزوجتك وأولادك وغيرهم ممن تحتك بهم احتكاكا مباشرا ومستمرا كمحيط العمل مثلا... فتكون بذلك دعوت عمليا إلى هدى، فلك أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة بإذن الله...
17.من فوائد الاحتساب التي تجنيها في الدنيا مع ما يدخر لك من الثواب في الآخرة، أنك إذا جعلت همك رضا الله والتقرب إليه باحتساب العبادات المختلفة فإن الجزاء من جنس العمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل الله غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة".
وما ظنك بمن يحتسب الأجر من الله في كل شيء أليست ممن كانت الآخرة نيته؟... وإن لم يكن هو فمن؟!
إنه قلب عاش وتنفس يستشعر العبادة في جميع سكناته وحركاته يطلب ثوابها من الله فسره وشرحه من خلقه ويسر له أمر دنياه وأخراه.. فاجعل الآخرة همك.. تصبح وتمسي تفكر: كيف أرضي ربي؟ ماذا سأفعل اليوم؟...
18. الاحتساب يزيدك رفعة عند خالقك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص "... إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة... "
عندما تعتاد المداومة على احتساب العمل الصالح فستربح مثل أجور أعمالك عندما لا يمكنك القيام بها لعذر شرعي... لا تتعجب!... فإن فضل الله واسع... قال صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما.
هل تحمست لذلك؟...
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنـه: "أيهـا النـاس احتسبوا أعمـالكم، فـإن من احتسب عمله، كتب له أجر عمله وأجرحسبته"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعتذر عن طول الموضوع ولكن لابد من تواصله حتى يُفهم،،،،،وجوزيتم خيراًًْْْْْْ
يجيبك ابن الأثير قائلاً:
"الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها".
فاحتسب أعمالك اليومية كفعل الطاعات... والصبر على المكروهات... والحركات والسكنات...
ليحسب ذلك من عملك الصالح...
إن الاحتساب عمل قلبي، لا محل له في اللسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن النية محلها القلب... وأنت عندما تحتسب الأجر من الله ذلك يعني أنك تطلبه منه تعالى، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (آل عمران:29).
والعمل لابد فيه من النية... فالذي يحتسب وينوي بعمله وجه الله فهو لله، والذي ينوي بعمله الدنيا فهو للدنيا فالأمر خطير جداً.. جداً. و"النيات تختلف اختلافاً عظيماً وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء والأرض، من النساء من نيته في القمة في أعلى شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء. فإن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك، وإن نويت الدنيا فقد تحصل وقد لا تحصل.
قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (الإسراء:18).
ما قال عجلنا له ما يريد!! بل قال ما نشاء ـ أي لا ما يشاء هو ـ لمن نريد ـ لا لكل إنسان ـ فقيد المعجِّل والمعجَّل له.
إذا من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنه من يعطى شيئا منه ومنهم من لا يعطى شيئا أبدا. وهذا معنى قوله تعالى: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} .
أما قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً}
(الإسراء:19).
لابد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة". وهذا يعني أن نحرص على الاحتساب.
ولا تنس كذلك أجر احتساب النية الصالحة الذي لا يضيعه الله أبدا حتى وإن لم تتمكن من أداء العمل الصالح الذي تنوي القيام به!!
" إن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له الأجر، أجر ما نوى. أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي: لما كان قادرا كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما".
فمثلا إذا كان من عادته أن يصلي تطوعا ولكنه منعه مانع،ولم يتمكن منه فإنه يكتب له أجر كاملا.
أما إذا كان ليس من عادته أن يفعل فإنه يكتب له أجر النية فقط دون أجر العمل.
ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيمن أتاه الله مالا فجعل ينفقه في سبيل الخير وكان رجل فقير يقول لو أن لي مال فلان لعملت فيه عمل فلان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فهو بنيته فهما في الأجر ســواء".
أي سواء في أجر النية أما العمل فإنه لا يُكتب له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله".
إن تعويدك نفسك على احتساب الأعمال خير على خير... فمن فضل الله ورحمته بعباده أنه ]من كان من نيته عمل الخير، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، ولا يمكنه الجمع بين الأمرين: فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره وفضل الله تعالى عظيم.
لماذا من المهم أن نحتسب الأجر في كل شيء؟
حتى نحقق الغاية التي خلقت من أجلها، لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفت بها وتحاسب عليها... لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه، والنجاة من غضبه وعذابه، وأن يحرص، على أن تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله تعالى سواء في ذلك الأمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم التروك فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة...".
إن حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع فتكون ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56) .
1) الاحتساب مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك... "ولابد أيضا أن يميز العادة عن العبادة، فمثلا الاغتسال يقع نظافة أو تبردا، ويقع عن الحدث الأكبر، وعن غسل الميت، وللجمعة ونحوها، فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية".
2) أنت بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية قبولا وردا وثوابا وعقابا، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
الآن... ألا يبدو لك الأمر مهما وخطيرا؟... إذن. هيا لنحتسب كلنا...
لماذا الحديث عن الاحتساب ؟
قد تزهد في العمل الصالح أحياناً...!
بمعنى أنك لا تجد حماسة له، ولربما كان السبب في ذلك أنك لا تعلم أهمية هذا العمل ولا الثواب المترتب عليه، أو أنك تجهل أن بعض الأعمال البسيطة قد تبلغ بك المنازل العالية فتستهين بها...!
وفي الغالب يُفسر ذلك كله بعدم وجود الاحتساب في حياتك...
فلربما لا تدرين ما هو الاحتساب؟ ولا ماذا نحتسب ؟.
وقد نشعر عندما نقوم ببعض الأعمال الصالحة بوجود من ينكر عليك ويقول لك: لا تتعب نفسك... يكفي ما قمت به سابقاً... لماذا كل هذا المجهود؟ الأمر لا يستدعي ذلك... لا تحرم نفسك فأنت ما زلت شابا... إلخ.
سبحان الله! وهل العمل إلا في الشباب؟.
لو علم هؤلاء أنهم هم المحرمون، وأنت من يقول لهم: كفى... كفى أريحوا أنفسكم من اللهو والعبث... ولا تتعبوها بالغفلة... وارحموها من حمل أثقال المعاصي المتراكمة...
أما إن كان ما تقوم به من أعمال صالحة فيه منفعة للآخرين كقضاء حاجات المسلمين من أقارب وأخوات في الله والتودد إليهم، فستسمع من ضعافالإيمان عبارات من نوع:
إنهم لا يستحقون ما تفعله لأجلهم... في كل مرة تساعدهم وهم لم يساعدوك مرة واحدة... هل سبق أن قدمت لك فلانة هدية حتى تهديها تلك الهدية القيمة؟... إلخ.
وكأننا خلقنا لنعمل من أجل الناس!
فإن أرضونا تفانينا في الإحسان لهم، وأن أغضبونا تفانينا في الإساءة إليهم!...
إذا ماذا بقي للآخرة؟...
ما الذي ستجده في صحيفتك إذا كانت أعمالك كلها منصرفة للبشر حسب علاقتك الشخصية بهم وليست لله وحده!...
إن الأيام لتذهب سريعاً فلا تفاجأ بخلو صحيفتك من الأعمال التي تبتغي بها وجه الله...
أشعرت بأن هناك من يزهد جدا في العمل الصالح، بل ربما يعتبر بعض الأعمال الصالحة ضعفا ومهانة ! كالعفو والحلم مثلا... !
لأجل ذلك كله كان الحديث عن احتساب الأجر أمرا نحتاج إليه...
ما الأمور التي تدفعك للحرص على احتساب الأجر في أعمالك كلها؟
1) سرعة مرور الوقت وهذا يعاني منه الجميع فاستغلّ الدقائق قبل الساعات وقد قيل: (أمسك الذي مضى عن قربه، يعجز أهل الأرض عن رده).
2) موت الفجأة {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الجمعة:
3) تغير الأحوال من صحة إلى مرض... ومن غنى إلى فقر... ومن أمن إلى خوف... ومن فراغ إلى شغل... ومن شباب إلى شيخوخة... ومن حياة إلى موت... !
4) لأنك محتاج إلى أعمال كثيرة تثقلين بها ميزانك، فالإنسان سرعان ما يفسد أعماله الصالحة بلسانه من كذب وغيبة ونميمة وسخرية... وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم، فقد تأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فتجد لسانك قد هدمها عليك... فلا تكون ممن لهم النصيب الأكبر من ويلات اللسان... فما أحوجنا إلى حسنة واحدة يثقل بها الميزان...
5) استشعر التقصير والتفريط في جنب الله {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر:56).
6) الخوف من الله.. {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الأنعام:51).
إن الخوف من الله دافع قوي للعمل الصالح عموما.
7) الرغبة في حصول الأجر والثواب... قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (العنكبوت:58).
أن فرصة العيش في الحياة الدنيا واحدة لا تتكرر لتعويض ما فات... {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الزمر:58). ومع أنها فرصة واحدة إلا أنها تنقضي بسرعة أيضا... !، فعندما تجلس عند جدك وتقول له: احكِ لي قصة حياتك خلال الستين سنة الماضية فسيكيها لك في ساعة أو ساعتين!... أين ذهبت تلك السنون الطوال؟!...
لا شك أن الحديث عنها سينتهي في يومين على أكثر تقدير...! قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ...} (يونس:45). "أي اذكر يوم نحشرهم {كأن لم يلبثوا} في الدنيا {إلا ساعةً من نهار} أي شيئا قليلا منه، استقلوا المدة الطويلة إما لأنهم ضيعوا أعمارهم في الدنيا فجعلوا وجودها كالعدم، وإما استقصروها للدهش والحيرة، وإما لطول وقوفهم في المحشر، وإما لشدة ما هم فيه من العذاب نسوا لذات الدنيا وكأنها لم تكن.
وجملة {يَتَعَارَفُونَ بَينَهُم} أي يعرف بعضهم بعضا، وذلك عند خروجهم من القبور، ثم تنقطع التعارف بينهم لما بين أيديهم من الأمور المدهشة للعقول المذهلة للأفهام، وقيل إن هذا التعارف هو تعارف التوبيخ والتقريع، يقول بعضهم لبعض: أنت أضللتني وأغويتني لا تعارف شفقة ورأفة...".
ما فوائد الاحتساب؟
هل تعلم أنك عندما تحاول احتساب الأجر في جميع أعمالك، قد حصلت لك فوائد عظيمة لا تتوفر عند من لا يهتم بالاحتساب! إن لم تمانع فسأسردها عليك...
فوائد الاحتساب:
1. "دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام.
2. الفوز بالجنة والنجاة من النار.
3. حصول السعادة في الدارين.
4. الاحتساب في الطاعات يجعلها خالصة لوجه الله تعالى وليس لها جزاء إلا الجنة.
5. الاحتساب في المكاره يضاعف أجر الصبر عليها.
6. الاحتساب يبعد صاحبه عن شبهة الرياء ويزيد في ثقته بربه.
7. الاحتساب في المكاره يدفع الحزن ويجلب السرور ويحول ما يظنه الإنسان نقمة إلى نعمة.
8. الاحتساب في الطاعات يجعل صاحبه قرير العين مسرور الفؤاد بما يدخره عند ربه فيتضاعف رصيده الإيماني وتقوى روحه المعنوية.
9. الاحتساب دليل الرضا بقضاء الله وقدره ودليل على حسن الظن بالله تعالى.
10.علامة على صلاح العبد واستقامته.
11.إتباع للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم".
12.أراك دائما تحرص أن تكون محبوباً من الناس.. وهذا شيء طيب ولكن.. ليكن طموحك أعلى.. فحب أهل الأرض وحده لا يكفي!.. كما أنه غاية صعبة المنال إلا إذا أحبك أهل السماء!!..
تقول : كيف؟..
أقول لك: عليك بالاحتساب فهو عمل صالح.. والمداومة عليه تجعل حياتك كلها طاعات.. والطاعة طريق موصل إلى محبة الله..
وإذا أحبك الله، أحبك أهل السماء ووضع لك القبول في الأرض.. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه، قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض".
13.بالاحتساب تؤدي شكر النعم.. لأن الاحتساب طاعة.. ومن شكر النعم العمل بالطاعات.. والله يجازيك على شكرك للنعم بأن يزيدك من الطاعات.. فيعينك عليها وييسرها لك.. ويحببها إلى قلبك فتجد الأنس والمتعة في عملها.. فيسهل عليك أمر الاحتساب وغيره... فقد "قال: الحسين ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} قال: أي من طاعتي".
14.إن الذي يحتسب الأجر من الله في أعماله لا يتأذى ولا يتأثر من عدم شكر الناس لجهوده الطيبة معهم وعدم تقديرهم لما يقوم به من أجلهم، لأنه لا يرجو من الناس جزاء ولا شكورا إنما يبتغي بذلك وجه الله فهو هادئ البال مطمئن النفس حتى وإن قوبل إحسانه بالإساءة فما دام أن مبتغاه قد تحقق فلا يضيره ما وراء ذلك لأن لا مطلب له فيه أصلا.
15.الاحتساب في التروك ـ ترك المعاصي والمحرمات ـ طاعة تثبت قلبك وتقوي عزيمتك لأن ترك المعصية ـ مع قدرتك عليها ـ لوجه الله يجعلك تتلذذ وتسعد بتركها لأنك ترجو أجر امتثالك لأمر الله ووقوفك عند حدوده تبتغي بذلك ثواب التقوى والخوف من الله {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (الرحمن:46). "والذي خاف ربه وقيامه عليه فترك ما نهى عنه، وفعل ما أمر به، له جنتان من ذهب، آنيتهما وحليتهما وبنيانهما وما فيهما، إحدى الجنتين جزاء على ترك المنهيات والأخرى على فعل الطاعات".
16.إن المحيط الصغير الذي تعيش فيه سيكتسب منك هذا الخلق الحسن ـ الاحتساب ـ لأنهم سيشعرون به ويعايشونه واقع حيا أمامهم مما يجعل له أثرا عميقا في أنفسهم، وأقصد هنا أهلك وزوجتك وأولادك وغيرهم ممن تحتك بهم احتكاكا مباشرا ومستمرا كمحيط العمل مثلا... فتكون بذلك دعوت عمليا إلى هدى، فلك أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة بإذن الله...
17.من فوائد الاحتساب التي تجنيها في الدنيا مع ما يدخر لك من الثواب في الآخرة، أنك إذا جعلت همك رضا الله والتقرب إليه باحتساب العبادات المختلفة فإن الجزاء من جنس العمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل الله غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة".
وما ظنك بمن يحتسب الأجر من الله في كل شيء أليست ممن كانت الآخرة نيته؟... وإن لم يكن هو فمن؟!
إنه قلب عاش وتنفس يستشعر العبادة في جميع سكناته وحركاته يطلب ثوابها من الله فسره وشرحه من خلقه ويسر له أمر دنياه وأخراه.. فاجعل الآخرة همك.. تصبح وتمسي تفكر: كيف أرضي ربي؟ ماذا سأفعل اليوم؟...
18. الاحتساب يزيدك رفعة عند خالقك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص "... إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة... "
عندما تعتاد المداومة على احتساب العمل الصالح فستربح مثل أجور أعمالك عندما لا يمكنك القيام بها لعذر شرعي... لا تتعجب!... فإن فضل الله واسع... قال صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما.
هل تحمست لذلك؟...
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنـه: "أيهـا النـاس احتسبوا أعمـالكم، فـإن من احتسب عمله، كتب له أجر عمله وأجرحسبته"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعتذر عن طول الموضوع ولكن لابد من تواصله حتى يُفهم،،،،،وجوزيتم خيراًًْْْْْْ
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم