اسم الله المنان
ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث انس رضي الله عنه أنه كان جالسا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل رجل فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان بديع السموات والارض ذو الجلال والاكرام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد سألت الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى.
يقول الامام ابن تيمية رحمه الله : المنان هو الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال
والمنان هو العظيم المواهب كثير العطاء واسع الاحسان الذي يدر العطاء على عباده ويوالي النعماء عليهم تفضلا منه واكراما فله المنة على عباده ولا منة لأحد منهم عليه
قال القرطبي : يقال ن من يمن مناً ، والمن هو العطاء دون طالب عِوض في حق الله ، فهو سبحانه وتعالى هو الذي قدم لنا العطاء ولن نستطيع ان نرد مقابل عطائه سبحانه وتعالى حتى ولو قلنا أننا نشكره سبحانه فلنسأل أنفسنا : هل الله سبحانه وتعالى هو المنتفع بهذا الشكر أم نحن ، فهو الصمد الذي لا يحتاج الى احد ، وأنه امتن عليك بنعم كثيرة ...
فهل تعبدت له بهذا الاسم وشعرت بعظيم مننه عليك وسعد قلبك برؤية النعم ، ولهج لسانك بشكرها؟
وهل نسَبتها اليه سبحانه وحده؟
وهل شعورك بذل ملأ قلبك بحبه وحده والتعلق به وحده من دون سواه ؟
الأن نرى شيئا مما عدده الله سبحانه وتعالى في ذكر مِننه، في سورة آل عمران :
(لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿١٦٤﴾
أول منة امتن الله بها على المؤمنين خاصة ارسال الرسول ص وهذا اول ما ابتدأ الله به بذكر منته على عباده بهذا الرسول الذي أنقذهم به من الضلالة .
ومن مننه ... يتلو عليهم آياته (يعلمهم الكتاب والحكمة )
يزكيهم ويطهرهم بهذا الشرع وينقيهم
فإذا أردت ان تنظر الى منة الله عليك فاعلم يقينا انه هو الذي ابتدأك بالعطاء قبل أن تطلب، فنحن لم نطلب ارسال الرسول ولكنه سبحانه لم يتركنا هملاً بل أرسل الينا من يبين لنا الطريق ن فإذا علمت هذا فكن حامدا له على ان جعلك اهلا لهذه المنة ، ورزقك الاستقامة .
والاستقامة منةُ من الله وليست بحولك ولا قوتك فلما تجد نفسك مستقيماً فاسأله سبحانه وتعالى ان يمُنّ عليك بالثبات
فالثبات مِنة ولا تأتي إلا بقوى الانكسار
نقطة هامة جدا لمن علم أن الاستقامة منة ..... ما هي ؟
لا تنظر الى غيرك من اهل المعاصي على انهم اصحاب النار فهناك فرق شاسع بين ان تحكم على الناس وبين ان تكره معصيتهم
وإذا كنت تشعر حقيقة ان استقامتك منة من الله فلن تستحقر أحداً، ويفزع قلبك عندما ترى اهل المعصية ان يهديهم الله وان يردّهم اليه رداً جميلا
ننظر الان الى سياق اية الانعام (وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَـٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا ۗ أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴿٥٣﴾
أي هذا ابتلاء من الله لعباده حيث جعل بعضهم غنيا والبعض الآخر فقيرا ... وبعضهم شريفا وبعضهم وضيعا،ً فإذا مَنّ الله بالايمان على الفقير او الوضيع كان ذلك محل محنة للغني والشريف، فإن كان قصده الحق واتباعه، آمن وأسلم ، ولم يمنعه شيئ من مشاركة الذي يراه دونه بالغنى او الشرف، وإن لم يكن صادقا في طلب الحق كانت هذه عقبه ترده عن اتباع الحق .ويقول حينها محتقراً لمن يراهم دونه: أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ؟
فمنعه هذا من اتباع الحق لعدم ذكائه ، قال الله مجيبا لكلام مثل هؤلاء المتضمن الاعتراض على الله في هداية غيرهم وعدم هدايتهم هم : (أليس الله بأعلم بالشاكرين) الذين يعرفون النعمة ويقرون بها ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح فيضع فضله ومنته عليهم دون من ليس بشاكر ، فإن الله تعالى حكيم لا يضع فضله عند من ليس بأهل ، وهؤلاء المعترضون بخلاف من منّ الله عليهم بالايمان من الفقراء وغيرهم، فإنهم هم الشاكرون .
فأنت لما ترى أحداً حصّل شيئاً عظيما فوق مستواه لا تعترض عليه لأنك في حقيقة الأمر تعترض على المنان العاطي وهو الله وهذه حقيقة الحسد ، والله سبحانه أعلم حيث يضع المِنَن، فهو لا يضعها إلا لقلب أو حال يصلح لاستقبال المنة...
ومن أعظم المنن منن الهداية التي لا يضعها الله إلا في قلب شاكر لا يمل النعم ولا ينساها.
ننتقل الان الى اية سورة يوسف (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٩٠﴾
في أي شيء كانت المِنة؟ بماذا من الله عليهم ؟
بالايمان والتقوى والتمكين في الدنيا... بسبب ماذا؟
بسبب الصبر والتقوى ، إنه من يتق فعل ما حرم الله ويصبر على الآلام والمصائب وعلى الاوامر بامتثالها فإن هذا من الاحسان، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا .
فتقوى الله عز وجل مِنة ، وبالتقوى والصبر الذي تقوم أنت بفعله يزيدك الله تقوى، فالتقوى تزيدك تقوى
تلك التقوى التي هي منة من الله لأنها من لمّة الملَك ، فعندما تحققها يزيدك الله تقوى .
التقوى + الصبر ... ماذا ينتجان؟
لا بد أن ينتجان رفعة في الدنيا والآخرة ، حتى وإن لم تجدها في الدنيا لا بد وأن تلقاها عند الله ، وبالصبر واليقين تُنال الامامة في الدين .
ننتقل الى سياق اية القصص (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٢﴾
اي الذين يريدون الحياة الدنيا: يا ليت لنا مثلما اوتي قارون
لفظ (يقولون) تدل على انهم خائفين من وقوع العذاب بهم ...(ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر) أي ان الله يضيق الزرق على من يشاء من عباده ، فعلمنا يومئذ على ان بسطه لقارون ليس دليل على خير فيه وأننا غالطون في قولنا : إنه لذو حظ عظيم، لولا أن من الله علينا بأن " لم يعاقبهم على ما قالوا" ، ولم يعاقبهم على نيتهم في إرادة العلو على الخلق ، فلولا فضله ومنته لخسف بنا، فصار هلاك قارون وعقوبته عبرةً وموعظة لغيره ، حتى إن الذين غبطوه ندموا وتغير فكرهم الاول ... ويكأنه لا يفلح الكافرون ... اي لا في الدنيا ولا في الاخرة، فعندما ترى كل الناس ذوي السلطة او المتاع او المال والذين قد تفتتن بهم ، اسأل الله أن يبصرك حقيقة الدنيا وأن المقصود (ثواب الله والاقبال عليه والانكسار بين يديه فهو خير من متاع الدنيا و السلطة والمال ... والسيارات ... وفرش ... )
انظر الى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن منع غضب، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش )
فاحمد الله على منته أنه يعاملنا بحلمه ولا يحاسبنا على كثير من النوايا الفاسدة والارادات المستقرة مثل إرادة العلو على الأقران وكراهية تفوقهم علينا ، كما انه من منته ان ذكرنا بذنوبنا وذكرنا بالتوبة منها ، ومَنّ علينا بالهداية، فنسأله سبحانه كما رزقنا ذلك ابتداء بمنته أن يمن علينا بالسلامة من الهوى واحتقار الخلق ورؤية اننا افضل منهم، كما نسأله سبحانه وتعالى ألا يغير ما بنا من حال وأن يرزقنا منة الثبات على دينه وألا نحكم على غيرنا من اهل المعاصي حتى لا نُبتلى .
تدبر آية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿٩٤﴾ النساء
أي ... انظروا لغيركم ممن لم يهتدي أنه كما هداكم الله كذلك يهدي غيركم وكما أن الهداية حصلت لكم شيئا فشيئا فكذلك لغيركم، فنظرنا الكامل لحالنا الاولى الناقصة ومعاملتنا لمن كان على مثلها بمقتضى ما نعرف من حاله الاولى ودعائنا له بالحكمة والموعظة الحسنة ، من أكبر الاسباب النافعة للمدعو،
ثم قال تعالى (فتبينوا) فإذا كان من خرج للجهاد في سبيل الله ومجاهدة أعداء الله واستعد بأنواع الاستعداد للايقاع بهم مأموراً بالتبيين لمن ألقى إليه السلام ، وكانت القرينة قوية في أنه إنما سلّم تعوذاً من القتل خوفاً على نفسه فإن ذلك يدل على الأمر بالتبين والتثبت في كل الاحوال التي يقع فيها نوع من الاشتباه فيتثبت فيها العبد حتى يتضح له الامر، ويتبين له الرشد والصواب (إن الله كان بما تعملون خبيرا) فيجازي كلاً ما عمله ونواه بحسب علمه بأحوال عباده ونياتهم، فلا تحكم أخي على أحد
لا تحكم ان هذا الشخص مقطوع الهداية ، فورا ارجع الى نفسك وتذكر أن الله هو الذي ابتدأك بالهداية وتذكر أن عقيدة أهل السنة والجماعة... يرجون للمُحسن الثواب ويخافون على المسيء العقاب ويعلمون أن من مات مسلما مرتكبا لكبيرة فهو تحت المشيئة فلا تحكم على احد أنه من أهل النار فيحبط الله عملك ويغفر له، ودائما افرح بالله وبنعمه، ولا ترى النقائص على أنها الحياة كلها فقد يكون المنع هو غاية صلاحك وقد يكون كل هذا الغم هو بداية فرجك ورفعتك والله يعلم وأنتم لا تعلمون .
ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث انس رضي الله عنه أنه كان جالسا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل رجل فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان بديع السموات والارض ذو الجلال والاكرام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد سألت الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى.
يقول الامام ابن تيمية رحمه الله : المنان هو الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال
والمنان هو العظيم المواهب كثير العطاء واسع الاحسان الذي يدر العطاء على عباده ويوالي النعماء عليهم تفضلا منه واكراما فله المنة على عباده ولا منة لأحد منهم عليه
قال القرطبي : يقال ن من يمن مناً ، والمن هو العطاء دون طالب عِوض في حق الله ، فهو سبحانه وتعالى هو الذي قدم لنا العطاء ولن نستطيع ان نرد مقابل عطائه سبحانه وتعالى حتى ولو قلنا أننا نشكره سبحانه فلنسأل أنفسنا : هل الله سبحانه وتعالى هو المنتفع بهذا الشكر أم نحن ، فهو الصمد الذي لا يحتاج الى احد ، وأنه امتن عليك بنعم كثيرة ...
فهل تعبدت له بهذا الاسم وشعرت بعظيم مننه عليك وسعد قلبك برؤية النعم ، ولهج لسانك بشكرها؟
وهل نسَبتها اليه سبحانه وحده؟
وهل شعورك بذل ملأ قلبك بحبه وحده والتعلق به وحده من دون سواه ؟
الأن نرى شيئا مما عدده الله سبحانه وتعالى في ذكر مِننه، في سورة آل عمران :
(لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿١٦٤﴾
أول منة امتن الله بها على المؤمنين خاصة ارسال الرسول ص وهذا اول ما ابتدأ الله به بذكر منته على عباده بهذا الرسول الذي أنقذهم به من الضلالة .
ومن مننه ... يتلو عليهم آياته (يعلمهم الكتاب والحكمة )
يزكيهم ويطهرهم بهذا الشرع وينقيهم
فإذا أردت ان تنظر الى منة الله عليك فاعلم يقينا انه هو الذي ابتدأك بالعطاء قبل أن تطلب، فنحن لم نطلب ارسال الرسول ولكنه سبحانه لم يتركنا هملاً بل أرسل الينا من يبين لنا الطريق ن فإذا علمت هذا فكن حامدا له على ان جعلك اهلا لهذه المنة ، ورزقك الاستقامة .
والاستقامة منةُ من الله وليست بحولك ولا قوتك فلما تجد نفسك مستقيماً فاسأله سبحانه وتعالى ان يمُنّ عليك بالثبات
فالثبات مِنة ولا تأتي إلا بقوى الانكسار
نقطة هامة جدا لمن علم أن الاستقامة منة ..... ما هي ؟
لا تنظر الى غيرك من اهل المعاصي على انهم اصحاب النار فهناك فرق شاسع بين ان تحكم على الناس وبين ان تكره معصيتهم
وإذا كنت تشعر حقيقة ان استقامتك منة من الله فلن تستحقر أحداً، ويفزع قلبك عندما ترى اهل المعصية ان يهديهم الله وان يردّهم اليه رداً جميلا
ننظر الان الى سياق اية الانعام (وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَـٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا ۗ أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴿٥٣﴾
أي هذا ابتلاء من الله لعباده حيث جعل بعضهم غنيا والبعض الآخر فقيرا ... وبعضهم شريفا وبعضهم وضيعا،ً فإذا مَنّ الله بالايمان على الفقير او الوضيع كان ذلك محل محنة للغني والشريف، فإن كان قصده الحق واتباعه، آمن وأسلم ، ولم يمنعه شيئ من مشاركة الذي يراه دونه بالغنى او الشرف، وإن لم يكن صادقا في طلب الحق كانت هذه عقبه ترده عن اتباع الحق .ويقول حينها محتقراً لمن يراهم دونه: أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ؟
فمنعه هذا من اتباع الحق لعدم ذكائه ، قال الله مجيبا لكلام مثل هؤلاء المتضمن الاعتراض على الله في هداية غيرهم وعدم هدايتهم هم : (أليس الله بأعلم بالشاكرين) الذين يعرفون النعمة ويقرون بها ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح فيضع فضله ومنته عليهم دون من ليس بشاكر ، فإن الله تعالى حكيم لا يضع فضله عند من ليس بأهل ، وهؤلاء المعترضون بخلاف من منّ الله عليهم بالايمان من الفقراء وغيرهم، فإنهم هم الشاكرون .
فأنت لما ترى أحداً حصّل شيئاً عظيما فوق مستواه لا تعترض عليه لأنك في حقيقة الأمر تعترض على المنان العاطي وهو الله وهذه حقيقة الحسد ، والله سبحانه أعلم حيث يضع المِنَن، فهو لا يضعها إلا لقلب أو حال يصلح لاستقبال المنة...
ومن أعظم المنن منن الهداية التي لا يضعها الله إلا في قلب شاكر لا يمل النعم ولا ينساها.
ننتقل الان الى اية سورة يوسف (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٩٠﴾
في أي شيء كانت المِنة؟ بماذا من الله عليهم ؟
بالايمان والتقوى والتمكين في الدنيا... بسبب ماذا؟
بسبب الصبر والتقوى ، إنه من يتق فعل ما حرم الله ويصبر على الآلام والمصائب وعلى الاوامر بامتثالها فإن هذا من الاحسان، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا .
فتقوى الله عز وجل مِنة ، وبالتقوى والصبر الذي تقوم أنت بفعله يزيدك الله تقوى، فالتقوى تزيدك تقوى
تلك التقوى التي هي منة من الله لأنها من لمّة الملَك ، فعندما تحققها يزيدك الله تقوى .
التقوى + الصبر ... ماذا ينتجان؟
لا بد أن ينتجان رفعة في الدنيا والآخرة ، حتى وإن لم تجدها في الدنيا لا بد وأن تلقاها عند الله ، وبالصبر واليقين تُنال الامامة في الدين .
ننتقل الى سياق اية القصص (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٢﴾
اي الذين يريدون الحياة الدنيا: يا ليت لنا مثلما اوتي قارون
لفظ (يقولون) تدل على انهم خائفين من وقوع العذاب بهم ...(ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر) أي ان الله يضيق الزرق على من يشاء من عباده ، فعلمنا يومئذ على ان بسطه لقارون ليس دليل على خير فيه وأننا غالطون في قولنا : إنه لذو حظ عظيم، لولا أن من الله علينا بأن " لم يعاقبهم على ما قالوا" ، ولم يعاقبهم على نيتهم في إرادة العلو على الخلق ، فلولا فضله ومنته لخسف بنا، فصار هلاك قارون وعقوبته عبرةً وموعظة لغيره ، حتى إن الذين غبطوه ندموا وتغير فكرهم الاول ... ويكأنه لا يفلح الكافرون ... اي لا في الدنيا ولا في الاخرة، فعندما ترى كل الناس ذوي السلطة او المتاع او المال والذين قد تفتتن بهم ، اسأل الله أن يبصرك حقيقة الدنيا وأن المقصود (ثواب الله والاقبال عليه والانكسار بين يديه فهو خير من متاع الدنيا و السلطة والمال ... والسيارات ... وفرش ... )
انظر الى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن منع غضب، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش )
فاحمد الله على منته أنه يعاملنا بحلمه ولا يحاسبنا على كثير من النوايا الفاسدة والارادات المستقرة مثل إرادة العلو على الأقران وكراهية تفوقهم علينا ، كما انه من منته ان ذكرنا بذنوبنا وذكرنا بالتوبة منها ، ومَنّ علينا بالهداية، فنسأله سبحانه كما رزقنا ذلك ابتداء بمنته أن يمن علينا بالسلامة من الهوى واحتقار الخلق ورؤية اننا افضل منهم، كما نسأله سبحانه وتعالى ألا يغير ما بنا من حال وأن يرزقنا منة الثبات على دينه وألا نحكم على غيرنا من اهل المعاصي حتى لا نُبتلى .
تدبر آية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿٩٤﴾ النساء
أي ... انظروا لغيركم ممن لم يهتدي أنه كما هداكم الله كذلك يهدي غيركم وكما أن الهداية حصلت لكم شيئا فشيئا فكذلك لغيركم، فنظرنا الكامل لحالنا الاولى الناقصة ومعاملتنا لمن كان على مثلها بمقتضى ما نعرف من حاله الاولى ودعائنا له بالحكمة والموعظة الحسنة ، من أكبر الاسباب النافعة للمدعو،
ثم قال تعالى (فتبينوا) فإذا كان من خرج للجهاد في سبيل الله ومجاهدة أعداء الله واستعد بأنواع الاستعداد للايقاع بهم مأموراً بالتبيين لمن ألقى إليه السلام ، وكانت القرينة قوية في أنه إنما سلّم تعوذاً من القتل خوفاً على نفسه فإن ذلك يدل على الأمر بالتبين والتثبت في كل الاحوال التي يقع فيها نوع من الاشتباه فيتثبت فيها العبد حتى يتضح له الامر، ويتبين له الرشد والصواب (إن الله كان بما تعملون خبيرا) فيجازي كلاً ما عمله ونواه بحسب علمه بأحوال عباده ونياتهم، فلا تحكم أخي على أحد
لا تحكم ان هذا الشخص مقطوع الهداية ، فورا ارجع الى نفسك وتذكر أن الله هو الذي ابتدأك بالهداية وتذكر أن عقيدة أهل السنة والجماعة... يرجون للمُحسن الثواب ويخافون على المسيء العقاب ويعلمون أن من مات مسلما مرتكبا لكبيرة فهو تحت المشيئة فلا تحكم على احد أنه من أهل النار فيحبط الله عملك ويغفر له، ودائما افرح بالله وبنعمه، ولا ترى النقائص على أنها الحياة كلها فقد يكون المنع هو غاية صلاحك وقد يكون كل هذا الغم هو بداية فرجك ورفعتك والله يعلم وأنتم لا تعلمون .
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم