الإمام أحمد يأمر الجني بالخروج فيستجيب :
روي أنّ الإمام أحمد كان جالساً في مسجده ، إذ جاءَه صاحب له من قبل الخليفة المتوكل ، فقال : إن في بيت أمير المؤمنين جارية بها صرع ، وقد أرسلني إليك ، لتدعو الله لها بالعافية . فأعطاه الإمام نعلين من الخشب ، وقال : اذهب إلى دار أمير المؤمنين ، واجلس عند رأس الجارية ، وقل للجني : قال لك أحمد : أيما أحب إليك : تخرج من هذه الجارية ، أو تصفع بهذا النعل سبعين ؟ فذهب الرجل ومعه النعل إلى الجارية ، وجلس عند رأسها ، وقال كما قال له الإمام أحمد . فقال المارد على لسان الجارية : السمع والطاعة لأحمد ، لو أمرنا أن نخرج من العراق لخرجنا منه ، إنه أطاع الله ، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء ، ثم خرج من الجارية ، فهدأت ، ورزقت أولاداً .
فلما مات الإمام ، عاد لها المارد ، فاستدعى لها الأمير صاحباً من أصحاب أحمد ، فحضر ، ومعه ذلك النعل ، وقال للمارد : أخرج وإلا ضربتك بهذا النعل . فقال المارد : لا أطيعك ولا أخرج ، أما أحمد بن حنبل ، فقد أطاع الله فأمرنا بطاعته .
ما ينبغي أن يكون عليه المعالج :
وينبغي للمعالج أن يكون قوي الإيمان بالله معتمداً عليه ، واثقاً بتأثير الذكر وقراءَة القرآن ، وكلما قوي إيمانه وتوكله قوي تأثيره ، فربما كان أقوى من الجني فأخرجه ، وربما كان الجني أقوى فلا يخرج ، وربما كان المخرج للجني ضعيفاً ، فتتقصد الجن إيذاءَه ، فعليه بكثرة الدعاء والاستعانة عليهم بالله ، وقراءَة القرآن ، خاصة آية الكرسي .
الرقى والتعاويذ :
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى : " وأما معالجة الموضوع بالرقى ، والتعويذات فهذا من وجهين : فإن كانت الرقى والتعاويذ مما يعرف معناها ، ومما يجوز في دين الإسلام أن يتكلم به الرجل ، داعياً الله ، ذاكراً له ، ومخاطباً لخلقه ، ونحو ذلك ، فإنه يجوز أن يرقي بها المصروع ، ويعوذه ، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اعرضوا عليَّ رقاكم ، لا بأس بالرقى : ما لم يكن فيه شرك ) ، وقال : ( من استطاع منكم أن ينفع أخيه فلينفعه ) .
وإن كان في ذلك كلمات محرمة ، مثل أن يكون فيها شرك ، أو كانت مجهولة المعنى ، يحتمل أن يكون فيها كفر ، فليس لأحد أن يرقي بها ولا يعزم ، ولا يقسم ، وإن كان الجني قد ينصرف عن المصروع بها ، فإنّ ما حرمه الله ورسوله ضرره أكثر من نفعه .
وذكر في موضع آخر : " أن أرباب العزائم الشركية كثيراً ما يعجزون عن دفع الجني ، وكثيراً ما تسخر منهم الجن إذا طلبوا منهم قتل الجني الصارع للإنس أو حبسه ، فيخيلوا إليهم أنهم قتلوه أو حبسوه ، ويكون ذلك تخييلاً وكذباًً .
استرضاء الجن :
وبعض الناس يحاولون استرضاء الجني الذي يصرع الإنسان بالذبح له ، وهذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله ، وروي أنه نهى عن ذبائح الجن . وقد يزعم بعض الناس أن هذا من باب التداوي بالحرام ، وهذا خطأ كبير ، فالصواب أن الله لم يجعل الشفاء في شيء من المحرمات ، وعلى القول بجواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخمر ، فلا يجوز أن يستدل بذلك على الذبح للجني ؛ لأن التداوي بالمحرمات فيه نزاع لبعض العلماء ، أمّا التداوي بالشرك والكفر ، فلا خلاف بين العلماء في تحريمه ، ولا يجوز التداوي به باتفاق .
وفي الختام أحب أن أنبه أن ليس كل صرع فهو من الجان ، فمنه ما هو أمراض عارضة لها أسبابها التي قد يعلمها الأطباء ، وقد لا يعلمونها ، وهذا لا ينفي معالجة أمثال هؤلاء بالقرآن والرقى ، فالقرآن والرقى لها أثر في الشفاء من جميع الأدواء .
الخميس 2 نوفمبر 2017 - 12:09 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (10)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:34 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (8) - (9)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:30 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (6) - (7)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:24 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (5)
الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 23:22 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (4)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:44 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (3)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:43 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (2)
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:41 من طرف أم رنيم
» سؤال وجواب في فقه الصلاة (1 )
السبت 18 أكتوبر 2014 - 18:39 من طرف أم رنيم